ﺣﺪﻳﺚ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ
ﻋﺜﻤﺎﻥ ﻣﻴﺮﻏﻨﻲ
ﻭﻣﺎ ﺫﻧﺐ ﺷﻌﺐ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ ؟
ﺣﺴﺐ ﺗﻘﺮﻳﺮ ﻧﺸﺮﺗﻪ ﻣﺠﻠﺔ “ ﻭﻭﻝ ﺳﺘﺮﻳﺖ ” ﺃﻥ ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻠﻪ ﺣﻤﺪﻭﻙ ﺭﺋﻴﺲ ﻭﺯﺭﺍﺀ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ ﻭﺍﻓﻖ ﻋﻠﻰ ﺗﺴﻮﻳﺔ ﻗﺎﻧﻮﻧﻴﺔ ﻳﻠﺘﺰﻡ ﺑﻤﻮﺟﺒﻬﺎ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ ﺑﺪﻓﻊ ﺗﻌﻮﻳﻀﺎﺕ ﻣﺎﻟﻴﺔ ﻷﻫﺎﻟﻲ ﺿﺤﺎﻳﺎ ﺍﻟﺘﻔﺠﻴﺮﺍﺕ ﻓﻲ ﺳﻔﺎﺭﺗﻲ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﻟﻤﺘﺤﺪﺓ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﺑﻨﻴﺮﻭﺑﻲ ﻭﺩﺍﺭ ﺍﻟﺴﻼﻡ، 7 ﺃﻏﺴﻄﺲ 1998 ، ﻭﻷﻫﺎﻟﻲ ﺿﺤﺎﻳﺎ ﺗﻔﺠﻴﺮ ﺍﻟﻤﺪﻣﺮﺓ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ “ ﻛﻮﻝ ” ﻓﻲ ﻣﻴﻨﺎﺀ ﻋﺪﻥ ﺑﺎﻟﻴﻤﻦ، 12 ﺃﻛﺘﻮﺑﺮ .2000
ﻳﺒﺪﻭ ﻣﺜﻴﺮﺍً ﻟﻠﺪﻫﺸﺔ ﺃﻥ ﻳﻮﺭﻁ ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭ ﺣﻤﺪﻭﻙ ﺑﻼﺩﻩ ﻓﻲ ﻣﺜﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻻﻟﺘﺰﺍﻡ، ﻓﺎﻟﻤﻌﺮﻭﻑ ﺃﻧﻬﺎ ﻗﻀﺎﻳﺎ ﻣﺮﻓﻮﻋﺔ ﺃﻣﺎﻡ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻲ ﻭﺃﺩﻯ ﺇﻫﻤﺎﻝ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﻤﺨﻠﻮﻉ ﻟﻬﺎ ﺑﻌﺪﻡ ﻇﻬﻮﺭﻩ ﺃﻣﺎﻡ ﺍﻟﻤﺤﺎﻛﻢ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﺗﻌﻘﻴﺪﺍﺕ ﻗﺎﻧﻮﻧﻴﺔ ﻭﺻﻔﻬﺎ ﺍﻟﻘﺎﺿﻲ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻧﻈﺮﻫﺎ ﻗﺎﺋﻼً ) ﻻ ﺃﻋﺮﻑ ﻟﻤﺎﺫﺍ ﺍﺧﺘﻔﻰ ﻣﺤﺎﻣﻲ ﺍﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻧﻴﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺤﻜﻤﺔ، ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻥ ﻓﻲ ﺇﻣﻜﺎﻧﻪ ﺃﻥ ﻳﻐﻴِّﺮ ﻣﺠﺮﻯ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ .. ( .
ﻫﻞ ﺃﺧﻀﻊ ﺍﻷﻣﺮ ﺇﻟﻰ ﺍﺳﺘﺸﺎﺭﺍﺕ ﻗﺎﻧﻮﻧﻴﺔ – ﺧﺎﺻﺔ ﻣﻦ ﺧﺒﺮﺍﺀ ﻣﺨﺘﺼﻴﻦ – ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﻳﻌﻠﻦ ﺣﻤﺪﻭﻙ ﻣﻮﺍﻓﻘﺘﻪ؟
ﻭﻗﺒﻞ ﺫﻟﻚ، ﺃﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻣﻬﻤﺎً ﺃﻥ ﻳﺜﺎﺭ ﺳﺆﺍﻝ ﻟﻤﺎﺫﺍ ﻟﻢ ﺗﻀﻊ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﻟﻤﺘﺤﺪﺓ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺸﺮﻁ ﺃﻣﺎﻡ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﻤﺨﻠﻮﻉ ﺧﻼﻝ ﺟﻮﻻﺕ ﺍﻟﺘﻔﺎﻭﺽ ﺍﻟﺜﻨﺎﺋﻴﺔ؟
ﺍﻟﺨﻄﻮﺭﺓ ﺍﻟﻜﺒﻴﺮﺓ ﻓﻲ ﻗﻀﺎﻳﺎ ﺍﻟﺘﻌﻮﻳﻀﺎﺕ ﻫﺬﻩ ﺃﻧﻬﺎ ﻣﺴﻠﺴﻞ ﻏﻴﺮ ﻣﻌﻠﻮﻡ ﺍﻟﻨﻬﺎﻳﺎﺕ، ﻓﺎﻟﻬﺠﻤﺎﺕ ﺍﻹﺭﻫﺎﺑﻴﺔ ﻣﻦ ﺗﻨﻈﻴﻢ ﺍﻟﻘﺎﻋﺪﺓ ﺿﺪ ﺍﻷﻫﺪﺍﻑ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﻻ ﺣﺼﺮ ﻟﻬﺎ، ﻓﺈﺫﺍ ﻣﺎ ﻭﺍﻓﻖ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ – ﻃﻮﺍﻋﻴﺔ – ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻪ ﻣﺴﺆﻭﻝ ﻋﻨﻬﺎ ﺑﺤﻜﻢ ﺍﺳﺘﻀﺎﻓﺔ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﻤﺨﻠﻮﻉ ﻷﺳﺎﻣﺔ ﺑﻦ ﻻﺩﻥ، ﻓﺈﻥ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻧﻲ ﺳﻴﻈﻞ ﻳﺪﻓﻊ ﺣﺘﻰ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﻘﻴﺎﻣﺔ ﻣﻦ ﺣﺮ ﻣﺎﻝ ﻓﻘﺮﻩ ﺍﻟﻤﺪﻗﻊ ﺗﻌﻮﻳﻀﺎﺕ ﻻ ﻧﻬﺎﺋﻴﺔ .. ﺑﻞ ﻭﻗﺪ ﻳﻔﺘﺢ ﺫﻟﻚ ﺷﻬﻴﺔ ﺁﺧﺮﻳﻦ ﻓﻲ ﺩﻭﻝ ﺃﺧﺮﻯ ﺗﻀﺮﺭ ﺭﻋﺎﻳﺎﻫﺎ ﻣﻦ ﺍﻹﺭﻫﺎﺏ ﻓﻴﺮﻓﻌﻮﺍ ﻗﻀﺎﻳﺎ ﻣﻤﺎﺛﻠﺔ .
ﺻﺤﻴﺢ ﺃﻥ ﺷﻌﺐ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ ﺗﻮﺍﻕ ﻭﻣﺘﻠﻬﻒ ﻟﻘﺮﺍﺭ ﺃﻣﺮﻳﻜﻲ ﺑﺮﻓﻊ ﺍﺳﻢ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ ﻣﻦ ﻗﺎﺋﻤﺔ ﺍﻟﻌﺎﺭ ﺍﻹﺭﻫﺎﺑﻴﺔ، ﻟﻜﻦ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻘﺎﺑﻞ ﻓﺈﻥ ﺷﺮﻭﻁ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﺍﻟﻤﺘﺤﺪﺓ ﻃﻮﺍﻝ ﺳﻨﻮﺍﺕ ﻃﻮﻳﻠﺔ ﻇﻠﺖ ﺗﻨﺤﺼﺮ ﻓﻲ ) ﺷﺆﻭﻥ ﺳﻮﺩﺍﻧﻴﺔ ( ﻣﺜﻞ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻭﺇﺣﻼﻝ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﻭﺇﻳﺼﺎﻝ ﺍﻟﻤﺴﺎﻋﺪﺍﺕ ﺍﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﻣﻨﺎﻃﻖ ﺍﻟﺤﺮﻭﺏ ﻭﺍﻟﺤﺮﻳﺎﺕ ﺍﻟﺪﻳﻨﻴﺔ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻭﻛﻠﻬﺎ ﻗﻀﺎﻳﺎ ﺩﺍﺧﻠﻴﺔ ﻫﻨﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ ﻭﺍﻷﺟﺪﺭ ﺗﺤﻘﻴﻘﻬﺎ ﺣﺘﻰ ﺑﻼ ﺷﺮﻭﻁ ﺃﻭ ﺿﻐﻮﻁ ﺃﻣﺮﻳﻜﻴﺔ، ﻟﻤﺎﺫﺍ ﻟﻢ ﻳﺮﻛﺰ ﺣﻤﺪﻭﻙ ﻓﻲ ﺍﺳﺘﻴﻔﺎﺀ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﻄﻠﻮﺑﺎﺕ ﺩﺍﺧﻠﻴﺎً ﺃﻭﻻً ﻗﺒﻞ ﺍﻻﻧﺼﻴﺎﻉ ﻟﺸﺮﻭﻁ ﻓﻲ “ ﺷﺆﻭﻥ ﺧﺎﺭﺟﻴﺔ ” ﻻ ﻋﻼﻗﺔ ﻟﻠﺴﻮﺩﺍﻥ ﺑﻬﺎ ﺇﻃﻼﻗﺎً .
ﻓﻲ ﺗﻘﺪﻳﺮﻱ؛ ﺍﻟﺪﻛﺘﻮﺭ ﺣﻤﺪﻭﻙ ﺗﻌﺠﻞ ﻭﺃﺧﻄﺄ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻹﻗﺮﺍﺭـ ﻭﺟﻌﻞ ﺷﻌﺐ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ ﻳﺪﻓﻊ ﻣﺮﺗﻴﻦ، ﺍﻷﻭﻟﻰ ﺑﻔﻌﺎﺋﻞ ﺍﻟﻨﻈﺎﻡ ﺍﻟﻤﺨﻠﻮﻉ ﺍﻟﺘﻲ ﺟﻠﺒﺖ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ ﺍﻟﻤﻘﺎﻃﻌﺔ ﻭﺍﻟﻌﻘﻮﺑﺎﺕ، ﻭﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ﺍﻵﻥ ﺑﻤﻄﺎﻟﺒﺔ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻧﻲ ﺃﻥ ﻳﺪﻓﻊ ﺛﻤﻦ ﺟﺮﺍﺋﻢ ﻟﻢ ﻳﺮﺗﻜﺒﻬﺎ ﻭﻟﻢ ﺗﺮﺗﻜﺐ ﻓﻲ ﺃﺭﺿﻪ ﻭﻻ ﻋﻼﻗﺔ ﻟﻪ ﺑﻬﺎ ﺇﻃﻼﻗﺎً .
ﻭﺃﻇﻞ ﺃﻛﺮﺭ، ﺍﻷﺧﻄﺎﺀ ﺍﻟﺠﺴﻴﻤﺔ ﻫﻲ ﺳﻠﻴﻠﺔ ﻏﻴﺎﺏ ﺍﻟﺮﺅﻳﺔ ﺍﻟﻘﻮﻣﻴﺔ ﻭﺷﺢ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺴﺘﻮﻟﺪﻫﺎ ﻋﻘﻮﻝ ﻣﺆﺳﺴﺎﺕ ﻻ ﺃﻓﺮﺍﺩ