صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

ﻗﺒﻞ ﺍﻟﻄﻮﻓﺎﻥ !!

9

ﺣﺪﻳﺚ ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ

ﻋﺜﻤﺎﻥ ﻣﻴﺮﻏﻨﻲ

ﻗﺒﻞ ﺍﻟﻄﻮﻓﺎﻥ !!

ﺃﻓﻬﻢ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺧﻄﻴﺐ ﻣﺴﺠﺪ ﻳﻌﺘﻠﻲ ﻣﻨﺒﺮ ﺍﻟﺠﻤﻌﺔ ﻭﻳﻮﺯﻉ ﺍﻻﺗﻬﺎﻣﺎﺕ ﺃﻭ ﺍﻟﺘﺒﺮﻳﻜﺎﺕ ﺣﺴﺐ ﺗﻘﺪﻳﺮﻩ ﻭﺭﺃﻳﻪ .. ﻭﻟﻜﻨﻲ ﻻ ﺃﻓﻬﻢ ﻛﻴﻒ ﺗﻠﺘﻘﻢ ﺍﻟﻄﻌﻢ ‏) ﺍﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ‏( ﻣﻤﺜﻠﺔ ﻓﻲ ﻭﺯﻳﺮﺓ ﺍﻟﺸﺒﺎﺏ ﻭﺍﻟﺮﻳﺎﺿﺔ ﻭ ﺗﺼﻨﻊ ﻣﻦ ﺧﻄﺒﺔ ﺍﻟﺠﻤﻌﺔ ﻗﻀﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺣﻮﺍﻓﻬﺎ ﻳﻨﻘﺴﻢ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺇﻟﻰ ﻣﻨﺎﺻﺮ ﻭﻋﺪﻭ؟ .. ﻓﻲ ﻭﻗﺖ ﺗﻌﻴﺶ ﻓﻲ ﺑﻼﺩﻧﺎ ﻛﻠﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﻘﺔ ﺷﻌﻮﺏ ﻛﺮﻳﻤﺔ ﺃﺧﺮﻯ ﺗﺪﻓﻊ ﻣﻦ ﺣﺮ ﻣﺎﻟﻬﺎ ﻹﻋﺎﺷﺔ ﺷﻌﺒﻨﺎ ﻣﻤﺎ ﺗﻮﻓﺮﻩ ﻟﻨﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﻤﺢ ﻭﺍﻟﺪﻗﻴﻖ ﻭﺍﻟﻮﻗﻮﺩ ﻭﺍﻟﺪﻭﺍﺀ ﻭﺍﻷﺳﻤﺪﺓ ﺑﻞ ﻭﺍﻟﺰﻳﻮﺕ ..
ﻣﻬﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﻟﻤﺜﺎﺭﺓ ﺇﻻ ﺃﻧﻬﺎ ﺗﻘﻊ ﺑﺎﻟﻜﺎﻣﻞ ﺗﺤﺖ ﻋﻨﻮﺍﻥ ‏) ﺍﻧﺼﺮﺍﻓﻴﺔ ‏( ﺑﺎﻣﺘﻴﺎﺯ .. ﻭﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺴﺘﺠﻴﺐ ﻭﺯﻳﺮ ﺍﻟﺸﺒﺎﺏ ﻭﺍﻟﺮﻳﺎﺿﺔ ﺑﺎﻟﺼﺎﻉ ﺻﺎﻋﻴﻦ ﻭﺗﺘﻘﺪﻡ ﺑﺒﻼﻍ ﺳﻴﺘﺤﻮﻝ ﺇﻟﻰ ﻗﻀﻴﺔ ﺟﻨﺎﺋﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺤﺎﻛﻢ ﻭﻳﻘﻒ ﺃﺭﺗﺎﻝ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺤﺎﻣﻴﻦ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﺎﻧﺒﻴﻦ ﻭﻳﻨﺸﻐﻞ ﺍﻹﻋﻼﻡ ﻭﺍﻷﺳﺎﻓﻴﺮ ﺑﻤﺘﺎﺑﻌﺔ ﻳﻮﻣﻴﺎﺕ ﺍﻟﻘﻴﻞ ﻭﺍﻟﻘﺎﻝ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺤﻜﻤﺔ .. ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺑﻼﺩﻧﺎ ﻛﻠﻬﺎ ﻣﻮﺍﺟﻬﺔ ﺑﺘﺤﺪﻳﺎﺕ ﺟﺴﻴﻤﺔ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﻨﺎﺣﻲ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ .. ﻳﺼﺒﺢ ﺍﻷﻣﺮ ﻣﻠﻬﺎﺓ ﺗﻨﺠﺐ ﺍﻟﻤﺄﺳﺎﺓ ..
ﻧﺤﻦ ﺍﻵﻥ ﻓﻲ ﻣﻔﺘﺮﻕ ﻃﺮﻕ، ﺇﻣﺎ ﺃﻥ ﻧﻨﺠﺢ .. ﺃﻭ ﻧﻨﺠﺢ .. ﻻ ﺳﺒﻴﻞ ﻭﻻ ﺧﻴﺎﺭ ﻟﻠﻔﺸﻞ، ﻷﻥ ﺍﻟﻔﺸﻞ ﻳﻌﻨﻲ ﺍﻧﻬﻴﺎﺭ ﺍﻟﺜﻮﺭﺓ ﺑﻜﻞ ﺣﻤﻮﻟﺘﻬﺎ ﺍﻟﻤﻘﺪﺳﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﻬﺪﺍﺀ ﻭﺍﻷﺳﺮ ﺍﻟﻤﻜﻠﻮﻣﺔ ﻭﺍﻟﺠﺮﺣﻰ ﻭﺍﻟﻤﻔﻘﻮﺩﻳﻦ ﻭﻗﺎﺋﻤﺔ ﻃﻮﻳﻠﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﻀﺤﻴﺎﺕ ﺍﻟﺠﺴﻴﻤﺔ .. ﻻ ﺳﺒﻴﻞ ﻟﺨﻴﺎﺭ ﺁﺧﺮ .. ﺃﻣﺎ ﺃﻥ ﻧﻨﺠﺢ … ﺃﻭ ﻧﻨﺠﺢ .. ﻭﻣﻦ ﻫﻨﺎ ﻻ ﺑﺪ ﺃﻥ ﺗﻨﻔﺘﺢ ﻋﻘﻠﻴﺔ ﺍﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﻓﻜﺎﺭ ﺃﻭﺳﻊ ﻣﻤﺎ ﻫﻮ ﻣﺘﺎﺡ ﻓﻲ ﺩﻫﺎﻟﻴﺰ ﺍﻟﺤﺮﻳﺔ ﻭﺍﻟﺘﻐﻴﻴﺮ ﺃﻭ ﺍﻟﻤﻘﺮﺑﻴﻦ ﻣﻦ ﻛﻞ ﺻﻮﺏ ﻭﺣﺪﺏ ..
ﻻ ﺑﺪ ﻣﻦ ﺇﻋﺎﺩﺓ ﺗﻮﺟﻴﻪ ﺑﻮﺻﻠﺔ ﺍﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﻭﺑﺄﺳﺮﻉ ﻣﺎ ﻳﻤﻜﻦ .. ﻓﺎﻟﻤﻄﻠﻮﺏ ﺗﺄﺳﻴﺲ ﺩﻭﻟﺔ ﺟﺪﻳﺪﺓ ﻻ ﺗﺮﻣﻴﻢ ﺑﻨﻴﺎﻥ ﺩﻭﻟﺔ ﻣﺘﻬﺎﻟﻜﺔ ﻇﻠﺖ ﺗﺘﻌﺎﻳﺶ ﻣﻊ ﺍﻟﻔﺸﻞ ﻣﻨﺬ ﺍﻻﺳﺘﻘﻼﻝ ﻭﺣﺘﻰ ﺍﻟﻴﻮﻡ .. 63 ﺳﻨﺔ ﻛﺒﻴﺴﺔ ﺃﻭﺩﺕ ﺑﻨﺎ ﺇﻟﻰ ﻣﺎ ﻧﻜﺎﺑﺪﻩ ﺍﻵﻥ ..
ﺗﺄﺳﻴﺲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻳﺒﺪﺃ ﺑﺼﻴﺎﻏﺔ ‏) ﺍﻟﺮﺅﻳﺔ ‏( ﺍﻟﻤﺘﻘﺪﻣﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺘﺠﺎﻭﺯ ﺣﻜﺎﻳﺔ ‏) ﺍﻧﺘﻘﺎﻟﻴﺔ ‏( ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﻔﺮﺩﺓ ﺍﻟﻠﺌﻴﻤﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻭﻗﻌﻨﺎ ﻓﻲ ﺣﻔﺮﺗﻬﺎ ﺑﻜﺎﻣﻞ ﺇﺭﺍﺩﺗﻨﺎ ﺭﻏﻢ ﺃﻧﻬﺎ ﻭﻋﻠﻰ ﻣﺮ ﺗﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ ﻣﺎ ﺃﻧﺠﺒﺖ ﺇﻻ ﺍﻟﻔﺸﻞ ﻓﻲ ﺩﻭﺭﺍﺕ ﻣﺘﻌﺎﻗﺒﺔ .. ..1953 ..1985..1964 ﻭﺍﻵﻥ ﻧﻌﻴﺪ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﺍﻟﻜﺴﻴﻒ ..
ﺛﻢ ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺍﻟﻤﻔﺎﻫﻴﻢ ﺍﻟﺠﺪﻳﺪﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻘﻮﺩ ﺩﻭﻟﺘﻨﺎ ﻧﺤﻮ ﻣﺴﺘﻘﺒﻞ ﺣﻀﺎﺭﻱ .. ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﻔﺎﻫﻴﻢ ﻫﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺒﻨﻲ ﺑﻌﺪ ﺫﻟﻚ ﺧﻄﺘﻨﺎ ﺍﻻﺳﺘﺮﺍﺗﻴﺠﻴﺔ .. ﻭﻣﻨﻬﺎ ﺗﻨﺒﺜﻖ ﺍﻟﺨﻄﻂ ﺍﻟﺘﻔﺼﻴﻠﻴﺔ ﻗﺼﻴﺮﺓ ﺍﻟﻤﺪﻯ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺘﺤﻮﻝ ﺇﻟﻰ ﺑﺮﺍﻣﺞ ﻋﻤﻞ ﺗﻨﻔﻴﺬﻳﺔ ﺗﺘﻮﻻﻫﺎ ﺍﻟﻮﺯﺍﺭﺍﺕ ﻭﺍﻟﻤﺆﺳﺴﺎﺕ ﻓﻲ ﻣﺨﺘﻠﻒ ﺍﻟﻘﻄﺎﻋﺎﺕ ..
ﻭﻣﻦ ﺍﻟﻤﻬﻢ ﺃﻥ ﻧﺪﺭﻙ ﺃﻥ ﻋﻘﻠﻴﺔ ﺍﻟﺘﺨﻄﻴﻂ ﺍﻻﺳﺘﺮﺍﺗﻴﺠﻲ ﻟﻴﺴﺖ ﻫﻲ ﻋﻘﻠﻴﺔ ﺍﻟﺘﻨﻔﻴﺬ ﻭﺍﻟﺘﻜﺘﻴﻚ ﺍﻟﻴﻮﻣﻲ .. ﻻ ﻳﻤﻜﻦ ﻟﻮﺯﺭﺍﺀ ﺗﻨﻔﻴﺬﻳِّﻴﻦ ﺃﻥ ﻳﺼﻨﻌﻮﺍ ﺧﻄﻄﺎ ﺍﺳﺘﺮﺍﺗﻴﺠﻴﺔ ﻓﻬﻢ ﺑﺤﻜﻢ ﻣﺴﺆﻭﻟﻴﺎﺗﻬﻢ ﻣﺸﻐﻠﻮﻥ ﺑﺎﻷﺯﻣﺎﺕ ﻭﺍﻟﻴﻮﻣﻴﺎﺕ .. ﻭﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﻻ ﻳﻨﺴﺠﻢ ﻣﻊ ﺭﻭﺡ ﻭﻋﻘﻠﻴﺔ ﺍﻟﺘﻔﻜﻴﺮ ﺍﻻﺳﺘﺮﺍﺗﻴﺠﻲ ﺍﻟﻬﺎﺩﺉ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺴﺘﻨﺒﻂ ﺍﻷﻫﺪﺍﻑ ﻣﻦ ﻃﻤﻮﺣﺎﺕ ﺍﻟﺸﻌﺐ ﻻ ﺁﻻﻣﻪ ..
ﻣﻄﻠﻮﺏ ﺗﻌﺪﻳﻞ ﺍﻟﻤﺴﺎﺭ ﻗﺒﻞ ﻓﻮﺍﺕ ﺍﻷﻭﺍﻥ

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد