صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

ون مان شو

18

حاطب ليل

د. عبد اللطيف البوني

ون مان شو


)1(
لامناص من أن نعيد قصة أستاذ الأجيال هاشم ضيف الله كرمية لهذا الموضوع فالأستاذ عندما كان ناظرا لحنتوب كان المشي على ميدان النجيلة عنده من الكبائر فأبصر طالباً يمشي على النجيلة فصاح فيه ارجع ارجع يا.. فلم يرجع الطالب بل أكمل مشواره إلى أن خرج من الميدان، فوجد الأستاذ في انتظاره قائلا له أولا أنا بقول ليك ترجع وما رجعت وهذه جريمة قائمة بذاتها، ثم ثانياً وقبل أن يكمل الناظر كلامه قاطعه الطالب قائلا، لقد طلبت مني الرجوع وأنا على وشك الخروج من الميدان والمسافة التي قطعتها أطول فلو رجعت سيكون الخراب أكبر، فأعجب الأستاذ بمنطقه وعفا عنه ومن هذا يمكننا القول نعم إن الخطأ واضح والتمادي فيه مضر والرجوع عنه وأجب ولكن أحيانا يكون الرجوع أكثر تكلفة.
)2(
مناسبة الرمية أعلاه هو أن هناك إجماعاً على أن الترهل الإداري في البلاد كفوة من أكبر الكفوات التي تسببت في أزمتنا الحالية وللترهل الإداري عدة أشكال منها ماهو متعلق بالحكم الفيدرالي ومنها التوسع في المناصب الدستورية ومنها كذلك الصناديق والمؤسسات التي انتزعت من أحشاء الوزارات فجعلتها خاوية بينما تلك المؤسسات أصبحت مستأثرة بـ)بيت الكلاوي( وكل مؤسسة وزارة قائمة بذاتها ومن مظاهر الترهل كذلك الشركات الحكومية والشركات الرمادية التي تجنب وتتدولر كما يحلو لها ووزارة المالية )تبكي بس( فأي إصلاح للدولة لا بد من أن يبدأ بترشيقها أي جعلها رشيقة فأي قرار يمشي في اتجاه هذا الترشيق لا بد من أن يجد الترحيب من الرأي العام وفي نفس الوقت سيجد مقاومة من أصحاب المصالح الخاصة فأي فساد له سندته.
)3(
السيد محمد طاهر إيلا رئيس الوزراء أصدر في الأيام الفائتة قرارات تسير في اتجاه إصلاح الدولة فاختار إعادة )الأحشاء( للوزارات وذلك بحل المؤسسات التي انتزعت منها فتم حل مؤسسة النفط لصالح وزارة النفط وحل مؤسسة السكر لصالح وزارة الصناعة والتجارة وهناك إعفاء لمديري بعض المؤسسات ربما يكون تمهيداً لحلها ولكن حتى هذه اللحظة لم يوضح السيد رئيس الوزراء كيف رتب أولوياته وهل سوف تتواصل هذه السياسة أم هناك مؤسسات سوف تكون عصية )مثل الجبل الما بنطلع لي زول( ولماذا لاتملك هذه السياسة للرأي العام ليسندها كان سيكون أجمل لو الوزراء المعنيين هم الذين رفعوا التوصيات بإعادة )المصارين( إليهم.
)4(
الأمر المؤكد أن الطريق لن يكون ممهداً أمام أي إصلاح لأن أي اعوجاج قامت حوله مصالح فردية لا بل المصالح الشخصية هي السبب في هذا الاعوجاج لذلك سوف تكون المقاومة شرسة لأن هؤلاء المنتفعين لم يصبحوا عهداً بائداً حتى الآن بل مازالوا داخل )الجك( ولن نبعد النجعة إذا قلنا إن المقاومة قد بدأت من )قولة تيت( فهاهي الصحف والأسافير تغمز من قناة إيلا بالقول إن في الأمر تصفية حسابات شخصية وهاهو دكتور شلية مدير الموانئ المقال يقولها بالصوت العالي )كت عارف أن إيلا سوف ينتقم مني(، وهناك من قال إن المؤسسات المراد تصفيتها محسوبة على أجنحة إنقاذية أخرى، وهاهو علي محمود رئيس اللجنة الاقتصادية بالبرلمان يبدي تحفظه على ماتم )انظر الصيحة 25 مارس( فالتحصن بالشفافية أفضل من أم غمتي.

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد