صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

وطن مرق من الغرق 

41

———-

صباحكم خير – د ناهد قرناص

وطن مرق من الغرق 

أغنية استمعت اليها بالأمس عبر قناة الخرطوم الفضائية.. الأغنية كلمات والحان واداء الفنان المبدع محمد جبارة.. ( العهدة في هذه المعلومات على القناة التي أصبحت مختلفة بصورة ملحوظة.. نجاح يستحق الحديث عنه في وقت آخر ).. كلمات الأغنية الجميلة جاءت خفيفة وسريعة الإيقاع على لحن يشبه المارش العسكري.. كأنه حالنا الذي يمازج بين المكون المدني والعسكري.. كلماتها جعلتني أقول وجدتها.. كثيراً ما يكون هناك معنى تائه في أفكارك.. تلمحه فجأة في كلمة عابرة.. او مشهد صغير يمر أمام ناظريك بمحض الصدفة.. (وطن مرق من الغرق).. .كنا غارقين في بحر الديون.. وبالأمس فقط بدأت مرحلة جديدة.. بعد ان تم إعفاء جزء كبير من الديون والباقي (عايز جكة).

هل يعني ذلك اننا نجونا؟ اننا بلغنا الشاطئ الآخر ؟، لا بالتأكيد.. كل الذي فعله صندوق النقد الدولي.. انه أجرى لنا عملية تنفس اصطناعي.. ليدخل الهواء الطبيعي الى الرئتين بعد ان ملئتا بالماء طوال الفترة الماضية.. .كنا على وشك الغرق حقيقة.. والآن فقط يمكننا أن نأمل في النجاة والاستمرار في الحياة..

الضائقة المعيشية التي نمر بها جعلت (نفسنا قصير ).. وصبرنا يكاد يؤول الى الصفر.. فالأحلام كانت عظيمة والهمم عالية.. وكلنا توقع أن نرفل في النعيم والرفاهية بعد السقوط.. لكن التجربة أظهرت لنا ان الدرب طويل ووعر.. فاذا أردنا الرفاهية.. فهي لن تتحقق الا بالانتاج.. الانتاج لن يحدث بين يوم وليلة فهو يحتاج الى بنية تحتية قوية.. واذا أردنا بناء او ترميم ما تبقى من البنية التحتية.. فهي تحتاج الى أموال وتمويل.. واذا أردنا التمويل فهو يحتاج الى ضمانات.. والضمانات أهمها هو ان تملك سجلاً مالياً نظيفاً .. او على الأقل تكون ملتزماً في سداد الديون..هذا هو الذي يضمن لك تعاملات خارجية ويفتح مجال الاستثمار للشركات العالمية لكي تساهم في عمليات التنمية.

الذي حدث بالامس كان مفرحاً حقيقة.. .فعلى ما يبدو ان الحكومة في هذا الصدد أحرزت نجاحات تحسب لها وخطت خطوات ممتازة الى الامام.. وهذا ما نريده حقاً.. ان تكون هناك أهداف استراتيجية ويتم وضع خطط للوصول اليها.. رغم ان ذلك تم عبر أصعب الطرق.. (رفع الدعم والغاء الدولار الجمركي )..لكن من قال ان الامر سيكون هيناً ؟ دخول الهواء الى رئة الغريق يسبب ألماً مبرحاً.. لكنه السبيل الوحيد لكي يعود الى الحياة مرة أخرى..

الجهد الذي تم بذله خارجياً.. يجب أن نرى ما يوزايه داخلياً.. فقد بقى ان نرى تحسناً في تخفيف الضغوط المعيشية.. لقد بلغت القلوب الحناجر.. وأخشى ما أخشاه أن تبلغ السفينة شاطئ النهاية بدون الكثير من ركابها الذين قضوا نحبهم في الطريق..

لا أريد أختم مقالي قبل ان أعلق على ظهور رئيس الوزراء في الآونة الاخيرة عبر منصات الاعلام.. هذا الأمر كان له أثر طيب في نفوسنا جميعا نحن جماهير الشعب العاملة.. لا شئ أسوأ من حجب المعلومات .. الا احتجاب الحكام.. والحمد لله ان الحكومة بدأت أخيراً تتعلم من أخطائها.. تخلت عن صمتها وصرنا نرى مؤتمرات صحفية لمجلس الوزراء.. وهو أمر يجب أن نعلق عليه ايجابياً.. أخرج الينا يا صاحب السعادة.. أظهر على الشاشة وتحدث عبر الاذاعة.. أسمح للصحفيين بلقائك وأجب على الاسئلة الكثيرة التي تملأ أذهانهم.. أخرج الينا يا سعادتك.. وصدقني لن تجد أرحب وأحب وأجمل من قلوب أبناء وبنات بلدك.

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد