ليس متاحًا بشكل دقيق معرفة “المطبخ السياسي” للمجلس العسكري، غير أن المتاح فهمه أن هذا المطبخ يعمل على التعبئة ضد هذا المجلس على نحو مساوٍ لتعبئة قوى الحرية والتغيير.
هذا إن كان بقصد أو بغير قصد.. وإن كان بالفعل هناك “مطبخ سياسي”.
باستمرار، أحاول رصد ردود الأفعال عقب كل تصريح أو مؤتمر صحفي أو بيان لهذا المجلس الذي يتناوب أعضاؤه على توزيع الكذب، كل ردود الأفعال تصبُّ في اتجاه تعبئة الشارع ضد المجلس.
بل إن المؤتمر الصحفي الذي عقده المجلس أمس الأول وتحدث فيه الكباشي والعطا أكد حتى لبعض الذين لا يزال لديهم أمل في المجلس أن لا شيء يُرجى.
ليس غريبًا التنصُّل أو التلويح بالتنصل من الاتفاق الذي تم بين المجلس وقوى الحرية والتغيير قبل مجزرة 29 رمضان، فهذا الموقف المُعلَن عبر الفريق ياسر العطا، سبقته تسريباتٌ تشير إلى أن المجلس سوف يخلي طرفه من أي اتفاق سابق.
وبعض المعلومات تشير إلى ما هو أكثر تنصلًا، وهي أن المجلس ربما يطرح مقترحًا يقضي بالمناصفة مع قوى الحرية والتغيير في كل مستويات الحكم (التشريعية، التنفيذية والسيادي).
المجلس يحاول كل مرة أن يؤكد للرأي العام أنه لن يُسلِّم السلطة للمدنيين، وكل يوم يمرُّ، يثبت ذلك قولًا وفعلًا..
نائب رئيس المجلس يمضي بسرعة فائقة في الإعداد لبرنامج انتخابي عبر حشد القطاعات الشعبية التي وهبت نفسها للبيع عبر الحكومات السابقة، عطفًا على محاولة إظهار صورة مختلفة بطرح بعض الخدمات المباشرة للمواطنين، تمامًا كما حدث في مصر بعد استلام السيسي للسلطة.
قد يمضي المجلس لتشكيل حكومة مع كتلة من قوى الحرية والتغيير ويتجاهل الكُتلَ الأخرى، وقد يمضي بتحقيق اختراق في الاتفاق مع بعض الحركات المسلحة وليس كلها، وقد يمضي لتشكيل حكومة من بعض القوى السياسية المصنوعة خصيصًا لهذه الأغراض.
لكن ماذا سيحدث إذا مضى المجلس وتجاهل الشارع، بتجاهل المطالب الرئيسية لهذه الثورة، النتيجة الطبيعية أن يتأزَّم الوضع أكثر مما هو عليه، صحيح أن المجلس ربما يكون قد كسب بعض الوقت، لكنه بلا شك هو خاسرٌ كلَّ شيء.
أي اتجاه لتجاهل أو محاولة “الفهلوة” على الثورة هو اتجاه انتحاري ولن يفيد إلا قوى الثورة الحقيقية.