انطبق مثل “أفضل وسيلة للدفاع الهجوم” على الصادق الرزيقي، رئيس اتحاد الصحفيين السودانيين.
قبل أن يوجه الصحفيون سهام نقدهم الحارقة عليه، آثر أن يفتح النار عليهم..
من يشغل منصب “نقيب الصحفيين” في أي دولة، تتركز همومه وانشغالاته في توفير حقوق الصحفيين والمطالبة بها، والدفاع عن منتسبيه وإبراز قوتهم ومحاسنهم وأهميتهم، لا الانتقاص من قدرهم والحط من شأنهم.
أجرى موقع )سودان تايمز( الإلكتروني حواراً مميزاً ومُهمّاً، مع الرزيقي عن قلة الحريات, وما يتعرض له الصحفيون من مضايقات واستدعاءات، وكذلك عن الدورات التدريبية “المعدومة” وحقوق المحررين المهضومة، وعن الصحافة الإلكترونية المضمنة في القانون الجديد، ما لها وما عليها.
الرزيقي أجرى عملية بحث سريعة عن كل السوالب والنقاط السوداء، ليتحدث عنها بدلاً من الجوانب المشرقة.
نقيب الصحفيين يعقد مقارنة بالأجيال الصحفية السابقة التي قال إنها تتمتع بالشمولية، والالتزام الصارم بأخلاقيات المهنة وضوابطها، والالتزام بالأعراف والتقاليد، ومواثيق الشرف الصحفي، ليصف بعد ذلك أداء الصحفيين الموجودين الآن بالمتردي.
يبرر الرزيقي التردي لأداء الصحفيين “الناقص” وافتقار التحقيقات والمقالات لعرض وجهات النظر المختلفة، ولتجرد المواد من الحياد والنزاهة في عرض القضايا.
يذهب الرجل لأبعد من ذلك حينما يشير إلى أن الكتابات الصحفية ليست سُوى انطباعات لا يمكن إدراجها تحت قائمة الرأي، وأن الصحف تجنح للإثارة وعدم التثبت من الخبر، وتفتقر للدقة في التناول والنقل.
ويتباهى النقيب بأن اتحاده غير مسؤول من التدريب المهني أو توفيره، إنما مسؤول من التدريب حول أخلاقيات المهنة، وحقوق الإنسان!
والبحث عن المساوئ بالنسبة للرزيقي، يمتد ليشمل الصحف الإلكترونية، فيقول “لا يمكن أن نُطلق عليها صحفاً إلكترونية، هي نشاط إلكتروني”!
لو كان نقيب الصحفيين يتحدث باعتباره رئيس تحرير صحيفة، أو مجرد كاتب صحفي، فحديثه مقبول ومطلوب وعلى الرحب والسعة، لكنه يتحدث باعتباره ممثلاً لهؤلاء الصحفيين ومدافعاً عنهم وعن حقوقهم أمام الحكومة وسلطتها، لا منتقصاً من قدرهم وحاطاً من شأنهم..
الرزيقي يتناسى كثرة المسؤولين الذين يبدلون أقوالهم وينفونها، ويتجاهل تضارب تصريحاتهم ومعلوماتهم، ويضرب مثلاً بقلة من الصحفيين أخطأوا عن غير قصد، مرةً أو مرتين.
يرى النقيب أولئك القلة فقط الذين ينقلون قولاً خاطئاً، أو لهم أجندة في التعبير عن آرائهم، أو “انطباعاتهم الشخصية”.
لن نتساءل عن إنجازات الرزيقي، رغم تقدرينا لشخصه، لكننا نذكره فقط، بأن اتحاده المسؤول من التدريب في “أخلاقيات المهنة” لم يُدافع عنها حينما تعرض الصحفيون لاستدعاءات واتهامات بسبب مهنتهم، ولم يكلف نفسه الاتصال بهم والاطمئنان عليهم رغم أنهم كانوا يواجهون تهماً، إن أثبتها القضاء عليهم لتمت محاكمتهم بالإعدام!
من يأتي لهذا المنصب، لا بد أن يكون قادراً على فعل ما تُمارسه الحكومة، بتجميل أفرادها بدلاً عن التشهير بمساوئ قلة منهم.