دعوة إماراتية تلقّتها الحركة الشعبية قطاع الشمال لإجراء مُشاورات تتعلّق بإمكانية تحقيق السلام في السودان بعد نهاية عهد الإنقاذ الذي حكم السودان ثلاثين عاماً مَضَت، في المُقابل لبّى وفدٌ يضم قُوى مُلتزمة بميثاق الحُرية والتّغيير، الدّعوة لتحقيق تطلُّعات السُّودانيين في البحث عن حزمةٍ مُتكاملةٍ تربط بين قضيتي السلام والديقراطية والمواطن بلا تمييزٍ، وبين استقرار البلاد من أجل بناء سُودانٍ جَديدٍ ومُوحّد، رحب قطاع الشمال بالإجراءات التي اُتّخذت ضد قادة النظام السابق، حيث توافقت الرؤى مع غيرهم ممّن ينادون بالتغيير من الشعب السوداني، وأمّنوا على المطالب التي طرحها الثوار المُعتصمون، داعين إلى الاستجابة الفورية لتلك المطالب وإلى وحدة قوى الحرية والتغيير والمعارضة، كما صحبت ذلك دعوة للعمل جميعاً من أجل بناء سودان جديد وحل التحديات الماثلة لمصلحة جميع السودانيين، وإنهاء دولة التمكين بلا رجعةٍ، وتصفية مُؤسّساتها لمصلحة دولة الوطن.
خطوة جديدة، تَسارعت إليها الخُطى من قِبل قادة قطاع الشمال، وهم في انتظار توقيع ميثاق لرؤية تُساهم في حل الأزمة السُّودانية، ولعلّ الالتزام الكامل بوقف العدائيات، يؤكد مدى التغيير والمساعي التي يمكن أن تحدث في سبيل تحقيق السلام، رغم الأحاديث التي تدور عن عمل عسكري تقوم به أطراف الجبهة الثورية التي تضم عدداً من الحركات المسلحة.
الأمين العام لقطاع الشمال ياسر عرمان، قال إن ما يدور من حديث إحدى فبركات الذين أطاحت بهم ثورة الشعب من عناصر النظام السابق.
دولة الإمارات العربية، شرعت في خطوات نحو تحقيق السلام بالسودان، وذلك من خلال قيادات لمُبادرة لقطاع الشمال، المبادرات الخارجية في سبيل تحقيق السلام لم تكن وليدة، وإنّما ظلّت حَاضرةً في كثير من القضايا التي يمر بها السُّودان، فالخطوة رغم أن الدور الإماراتي جديد في إطلاق مبادرات لحل أزمات السودان، إلا أنها خطوة تمضي في الاتجاه الصحيح، في ظل تغيير ينشده الجميع، وبحسب ما أُثير أنّ الإمارات لعبت دور وساطة لأول مرة في السودان بين المجلس العسكري الانتقالي والحركات المسلحة لتقريب وجهات النظر بهدف إقرار السلام الدائم، وتحقيقاً لذلك، استضافت دولة الإمارات خلال اليومين الماضيين، اجتماعاً لقادة الحركة الشعبية برئاسة مالك عقار وحركة جيش تحرير السودان بقيادة مني أركو مناوي، للتوقيع على مُذكِّرة تفاهم في دُبي، تحمل بين ثناياها خطوطاً عريضة حول رؤيتها لحل الأزمة السُّودانية تمهيداً لعقد لقاءات مُباشرة مع المجلس العسكري، وبحسب ما نقلته الشرق الأوسط، إنّ المجلس العسكري شرع في اتصالات بحاملي السلاح في منطقتي النيل الأزرق ودارفور بهدف إقرار السلام، مُؤكِّداً أنّ هُناك عدة خطوات سيتّخذها المجلس لتعزيز الثقة بتلك الحركات، مُرحِّباً بقرار الحركة الشعبية قيادة عبد العزيز الحلو، بوقف إطلاق النار في ولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان حتى يوليو المقبل، ووصفها بالخطة الإيجابية.
وظل المشهد السوداني منذ المطالبة بالتغيير وإسقاط النظام، محط أنظار كثيرٍ من الدول، حيث حُظي باهتمامٍ بالغٍ من قِبل المُجتمع الدولي، خَاصّةً بعد نجاح الثورة الشعبية ضد الرئيس المخلوع البشير، ما يُؤكِّد وجود عدة محاور من قبل المُتابعين والمُهتمين بالشأن السوداني .
وبحسب المُحلِّل السِّياسي د. عبد الله آدم خاطر، رَكّزَ خلال حديثه لـ(الصيحة) على محورين، المحور الأول أشار فيه إلى أنّ الثورة الحالية التي بدأت في 19 ديسمبر الماضي وصلت إلى أهدافها والتي على رأسها السلام، إذا كانت حكومة أو شعباً أو حكومة نقابية أو قوى مجتمع مدني، جميعها أيقنت تماماً أن السلام هو هدف رئيسي ولا بُدّ من إنجاحه كما يجب أن تبدأ أي فكرة للسَّلام من الداخل، وهذه لا يُمكن لها أن تكون إلا بواسطة السُّودانيين أنفسهم، خَاصّةً مع تجاوب الحركات المسلحة بأهداف الثورة، لذلك لا بُدّ من الاستجابة لدور الثورة في النزاعات التي حدثت بجنوب كردفان والنيل الأزرق ودارفور وغيرها من المناطق المختلفة، وأضاف خاطر: يجب إعادة الملف إلى المُجتمع الدولي لمُناقشته بروح الحرية والسلام والعدالة، وقال إنّ هذه هي البداية الصحيحة لكل النزاعات التي حدثت لكي نمضي نحو المُستقبل.
أما المحور الثاني الذي تحدث عنه خاطر فهو خارجي، وقال: مرحب بأيِّ مبادرة خارجية، ولا يُمكن التقليل من أيِّ دورٍ سابقٍ في العملية السودانية السلمية، سواء الإقليم الأفريقي أو الاتحاد الأفريقي وعضويته التي تنتمي إليه، أو الجامعة العربية أو على مستوى الأسرة الدولية عبر طريق مجلس الأمن في الأمم المتحدة، وأكّد خاطر أنّ كل ذلك محل تقدير يجب أن يُؤخذ في الاعتبار، ومضى خاطر قائلاً: إنّ المجتمع الإقليمي له دورٌ واضحٌ، فالسودان أسّس ارتباطات تحالفية مع مجموعة دول الإمارات والسعودية ومصر، بجانب ارتباطات أخرى مع المُجتمع الدولي، خَاصّةً الولايات المتحدة الأمريكية، وأوضح خاطر أنّه ربما يكون هذا المحور هو الأكثر تأثيراً في الوقت الراهن، وقال إنّ مُبادرة الإمارات يجب أن تكون مُتّسقةً مع روح الثورة والحقائق على الأرض، بجانب روح الاحترام المُتبادل بين كل مكوِّنات المُجتمع السُّوداني بما فيها الحركات المُسلّحة، التي أبدت رغبتها في أن تكون جُزءاً من الوطن والعملية السلمية في البلاد.
ووفقاً لخاطر، فإنّ العملية السّلمية أصبحت لها أركان وأطراف محلية ضرورية، وقال إنّ السلام في دارفور لم يعد خاصاً بالحركات المُسلّحة فقط، إنّما يخص كل مُجتمع دارفور والمُجتمع المدني، كما أنّ القُوى المَحليّة هي جُزءٌ من العملية السلمية، ولذلك أي رؤية لا تتّسق مع تطلُّعات السودانيين في دارفور لن تجد طريقها وسط أهل الإقليم.
من ناحيته، قال المُحلِّل السِّياسي د. منتصر ابراهيم لـ(الصيحة)، إنّ الدول تتدخّل وتُقدِّم مُبادرات لإحلال السَّلام حينما يكون الأفق مسدوداً بين الحكومة وحاملي السلاح، مُشيراً إلى أنّ الحركات المُسلّحة والمجلس العسكري لن يكون بينهما خلافٌ كبيرٌ، باعتبار أنّ الهلاف الأكبر كان بين الحكومة السابقة والحركات، لكنه أشار إلى أن أيِّ دور مرحب به، لافتاً إلى أنّ المجلس عليه أن يُبادر وَيَتَقدّم نحو الحركات.