نجد العُذُر لمن يُقابلنا مُتلهفاً للسؤال عن مُجرياتِ الأحداث السياسية في البلادِ وهل من جديدٍ فيها ، يسألونا وكُلهم أمل في أن يجدوا عندنا ما يطمئنهم على نجاحِ ثورتهم وثباتِها على طريقِ السياسة الشائك المملوء بالعراقيلِ والمطبات ، ويبحثون عن جديد يبُث فيهمُ الأمل ويُدخِل في نفوسِهِم شئ من الفرحِ المفقود ، ولكل مقامٍ مقال ولكل سؤال رد بعضهم نسترسِل معهم في الحديث (بجدية) ونبادلهم المعلومات قد نجد عندهم ما يُعيننا على القراءة والتحليل ، ونُمازِح بعضهم ونرد عليه بإجابة الزميلة الإعلامية التي أطلقتها على الهواء وسارت بها ركبان الأسافير من وين نجيب ليكم الفرح يا أصدقاء.
انشغل من جئنا بهم لردم هوة الإنقاذ بصراعاتٍ أسهمت بشكل مُريع في توسعة تلك الهُوة وزادت من تعميقها ، حتى تباعدت المسافات بيننا والعودة إلى حيثُ كُنا وما عُدنا نطمع في أكثر من الحصول على الحد الأدنى الذي يُبقينا على ظاهر الأرض بعد أن تبدّدت الأحلام وتسرّبت الأماني بالرفاه الذي حلمنا به ، والحياة الوردية التي أخبرونا بأنّ أبواب الدخول إليها مُغلقة باحكام ولن تُفتح لنا إلّا بإزاحة الإنقاذ وإبعادها من المشهد ، وقد دحرناها بلا أسف عليها وتكالبنا على الدخول وتزاحمنا على أبواب السلطة ولم نجد شيئا ، ذهب من وثقنا فيهم وسلمناهم مفاتح الثورة يبحثون عن مُحاصصات مُقيتة أقعدت البلاد من قبل وما أظُن أن تنهض بها غدا .
ما نشهده الأن عبارة عن شُلليات تجمعها المصالح تتصارع في ما لا علاقة له بالوطن والمواطن ، انشغلوا بالسلطة ومقاعدها واختلفوا في ما بينهم في من يفسح المجال لشُركاء السلام ومن يبقى ، ومن يدخل مجلس الشركاء (الُمشوّه) ومن يخرُج ، وفي يد من تكون الصلاحيات عند البرهان ومجموعته أم عند حمدوك وشلته وبينهما تضاعفت أزمات المواطن المُتذيّل لقائمة اهتماماتهم والتي تتصدرها مقاعد السلطة بالرغم من خواء خزائنها وبؤس إيراداتها ، وكأننا يا عزيزي الثائر ما خرجنا إلّا لننزعها من محمد أحمد بالقوة ونسلمها طواعية إلى سيد أحمد ونذهب للجلوس مرة أخر على جمر المُعاناة ، ونمشي حفاة على رمضاء الأزمات.
حدثوني عن وزيرٍ أو مسؤول واحد خرج عليكم للتبشير بمشروعٍ جديد شرعوا في الترتيب لقيامه في أي من المجالات ، وهل خرج عليكم من يُحدثكم مُجرد حديث عن خُطةٍ وضعوها لتأهيل مشروع قديم دمرته الإنقاذ هُنا أو هناك ، أو من يُطمئنكم بأنّهم قد أوجدوا الحل الناجع والنهائي لأزمات الخُبز والوقود والدواء ، مضى العام الأول من الانتقالية ولم يتحقق فيه شئ على أرض الواقع ولم نسمع فيه ما يسُر البال وتتغيّر به الأحوال ، وقد غابت عنّا المُعطيات لنقرأ لكم ونُحلّل بها ما (قد) يكون .