قضايا الحقوق والفساد لا تسقط بالتقادم، ولا ينبغي أن تسقط، وبما أن النظام اليوم جرد من نفسه بطلاً ليكون محارباً شرساً لغول الفساد وقططه السمان، وأعلن حالة الطوارئ لتساعده في هذه المهمة، أرى من الضروري أن نلفت انتباهه إلى ملف أسود جداً كنتُ قد نشرتُ مستنداته على الملأ، ولكن للأسف الشديد لم أجد من يقول لي: )إنت يا زول بتقول في شنو..!!!(.. فلا بأس من أن نعيد فتحه عسى ولعلَّ…
حلقات متسلسلة من تحقيقات صاعقة أجريناها في وقت سابق بهذه الصحيفة وأتبعناها بأخرى، وكشفنا فيها عن تجاوزات وحالات فساد تزكم روائحها النتنة الأنوف.. حينها توكلنا على الحي الدائم وقلنا سجن سجن، غرامه غرامة، لكن للأسف لا سجنونا ولا غرمونا بدعوى نشر )الكذب الضار( ولا حتى سألونا، وليتهم فعلوا أو يفعلون..
وتمادينا في النشر حتى استلفنا عبارة أستاذنا الكاتب الصحافي والمؤلف الكبير الأستاذ محمد أحمد كرار رئيس تحرير صحيفة )الشارع السياسي( في مواجهته المشهورة مع إدارة أحد المصارف حينما كتب سلسلة )حاكموني أو حاكموهم(، وتحت هذا العنوان الذي استلفناه من كاتبنا الكبير دبجنا المقالات، لكن للأسف لم يحاكمونا ولم يحاكموهم، كحال أستاذنا كرار مع من فعلوا بذلك المصرف العريق العجائب، كتب كرار كل شيء ولم يهادن، لكن عندما سئل الطرف الآخر عن صمته الخجل إزاء تلك الاتهامات، ما كان منه إلا التبرير بأن )كرار زعلان بس عشان شالوا أخوه صلاح من الوزارة(.. لا أدري بم يبرر )جماعة( الأوقاف صمتهم إزاء الذي أثرناه من فساد وتجاوزات تنوء بحملها صحف الخرطوم.
وكتبنا مراراً أن هناك مسؤولين استولوا على عقارات وقفية.. منهم من اتخذها مقراً لأحزابهم ومنظماتهم واتحاداتهم ووزاراتهم ومنهم من اتخذها سكناً له ولأبنائه وأسرته، ومنهم من استغلها دوراً لنقاباتهم، فلا هُم خرجوا منها ولا هُم دفعوا قيمة إيجارها.
لقد كانت هيئة الأوقاف في عهد الدكتور الطيب مختار ترسل الخطاب تلو الخطاب إلى جيوش )المحتلين( لإخلاء تلك المواقع، ثم اضطرار لاستخدام القوة الجبرية للإخلاء بعد توجيهات واضحة من وزارة العدل، ولكن مراكز القوى كانت أقوى من وزارات الأوقاف والعدل ومجلس الوزراء.. أما خطابات أخينا الطيب مختار وتوجيهات وزارة العدل فلم يستجب لها إلا قليل.. وقليل جداً.
وأخيراً أقول للقائمين على أمر محاربة الفساد، اسألوا الدكتور الطيب مختار مدير الأوقاف السابق فهو مازال حياً ويملك كل التفاصيل والمستندات، إن كنتم تريدون حرباً للفساد… ملف الأوقاف والسطو عليها في تقديري يُعد من أنتن ملفات الفساد، وهو في رأيي يحتاج إلى ثورة وإلى قرارات رئاسية صارمة وتوجيهات حاسمة بفتح تحقيقات جريئة لا يخشى القائمون عليها في الله لومة لائم… اللهم هذا قسمي في ما أملك.
نبضة أخيرة:
ضع نفسك دائماً في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله، وثق أنه يراك حين تقوم وتقلبك في الساجدين.