معلوم أن قطاع السكر الوطني يعاني من كثير من المشكلات، لكن ليس كلها، بسبب تأثيرات الأوضاع الاقتصادية الحالية التي أثرت سلباً على كل شيء، ومن ضمنها صناعة السكر.
لا شك أن أزمة السيولة وشح الوقود قد يضران بموسم الإنتاج الحالي، بل قد يقودان إلى كارثة في الإنتاج لأقوى قاعدة صناعية زراعية بالبلاد خلال السنوات الماضية .
قد تؤدي أزمة السيولة إلى فشل شركات الإنتاج من مُقابلة التزامات العمال، وهم فئة لا تتعامل بالشيك العادي ولا المصرفي، وقد يكون معظمهم لم يسمع بالدفع الإلكتروني .
قطاع السكر الذي ينتج نحو 700 ألف طن، مُهدَّدٌ الآن نتيجة عدد من العوامل؛ منها الأوضاع الاقتصادية.. ولأنه قطاع قوي فقد ظلَّ صامداً وقادراً على تجاوزها مهما كانت حدتها، ودليل ذلك أن شركات الإنتاج دخلت الموسم الحالي، وتُحاول التكيف مع الأوضاع.
وقطاع السكر استطاع تجاوز أكبر مشكلة حدثت خلال الخمس سنوات الماضية، عندما ضربت جهات نافذة قرار فرض رسوم عالية على واردات السلع المُشابهة للمُنتجة محلياً؛ ففتحت باب الاستيراد لكميات ضخمة بإعفاءات جُمركية فاقت الفجوة بين الإنتاج والاستهلاك، والتي لا تتعدَّى 300 ألف طن في العام، ليُغرِقَ السكر المستورد الأسواق المحلية ويُحدِثَ ركوداً في السكر المحلي لدرجة عجز شركات الإنتاج عن دفع رواتب العاملين.
غير أن أكبر كارثة تُعاني منها شركات السكر، هي التدخلات السياسية التي يغذيها نافذون لهم مصلحة في تكسير مصانع السكر لتخلو الساحة تماماً للسكر المستورد الذي يُحقِّق مكاسب لا تتفوق عليها، إلا مكاسب المخدرات.. فهو سكر رخيص رديء مجهول المنشأ، لكنه يُباع بأعلى من أسعار السكر الوطني.. لذلك نجد تلك الفئة النافذة تنشط بلا حياء عبر الصحف وأجهزة الإعلام المختلفة، وتمتدُّ يدها إلى البرلمان لتشويه صورة مصانع السكر بالبلاد.. تحرض لبيع مصانع السكر الحكومية تحت مبررات خروج الدولة من الاقتصاد عبر الخصخصة، رغم أنهم يعلمون أن الشركات المطلوب خصخصتها هي شركات تتبع لجهات عصية، ولا يستطيعون أن يشيروا إليها مجرد إشارة، ناهيك عن الجهات التابعة لها.
تجدهم لا يفترون عن التحريض عن شركة سكر كنانة، وهي مثال للاستثمار العربي الناجح.. اشتغلوا بنظرية الضرب تحت الحزام حتى غادرها العضو المنتدب محمد المرضي التيجاني وهو من أكفأ خبراء الاقتصاد وإنتاج السكر ليس في الوطن العربي وإنما على المستوى الدولي، وهو الآن مستشار لأكبر شركات السكر الدولية. ورغم مغادرة المرضى لم تسلم كنانة حتى اليوم وبعد مرور أكثر من خمس سنوات. فما زالت نفس المجموعة تشن سمومها على كنانة وعلى سكر النيل الأبيض حتى بعد مغادرة حسن ساتي أيضا، مما يعني أن الأهداف تتجاوز الأشخاص لتدمير المؤسسات .
وعلى الرغم من أن كنانة والنيل الأبيض حاولتا التغلب على المشكلات القائمة والعمل على التحضير الجيد للموسم الإنتاجي الجديد، لكن ما زالت عوامل الهدم التي يقودها البعض مستمرة.
المؤسف أن بعض الجهات الرسمية وعلى رأسها أعضاء البرلمان، تستجيب بسرعة لأصحاب المصلحة في تكسير مصانع الإنتاج. وبدلا عن القيام بزيارات ميدانية لكنانة والنيل الأبيض والوقوف على الأداء على الأرض، ومعرفة الحقائق والمشكلات والمعوقات، ومحاولة حلها مع الجهات الرسمية، نجد أعضاء البرلمان يطالبون فقط بالتحقيق بدعاوى الفساد وهم جالسون تحت قبة البرلمان بأم درمان.