* لا حديث الآن في جميع مجالس الجزيرة وفي مواقع التواصل وبين المجموعات المتخصصة في قضايا المشروع وفي وسط تنظيمات المجتمع المدني بالمشروع غير الفشل المبكر للعروة الشتوية، جراء عدم اهتمام الإدارة بالتحضير المبكر للعروة الشتوية، التي تمثل أهم موسم لزراعة القمح والبقوليات الاخرى. الحقيقة الأولى التي يجب على الجميع إدراكها، أنه إذا قامت إدارة المشروع بالتحضير المبكر بتوفير كل المدخلات من تقاوي وأسمدة وجوالات وآليات لتحضير الأرض وتوفير مياه الري بالقدر الذي يروي المساحات المحددة للزراعة، سيفشل أيضا الموسم كما فشلت المواسم السابقة ولن تتحقق الإنتاجية المطلوبة لأن المشكلة في مشروع الجزيرة أصبحت مشكلة تراكمية أصابت عصب الإنتاج في المشروع الذي كان في المقام الأول تتم فيه إعادة إصلاح سريعة لأن الدمار لحق بكل هياكله وبنياته الانتاجية.
* أكبر الأخطاء التي وقعت فيها إدارة المشروع انها لم تلتفت إلى ما ظل ينادي به المزارعون والمهتمين بشأن المشروع بضرورة إجراء إصلاحات ومعالجة بعض القضايا الحساسة المتعلقة بالإدارة والقانون، والخراب الذي لحق بكل أقسام المشروع، إلا أن الإدارة لم تتوقف وتلقي نظرة على ما طرأ على المشروع طيلة عمر الإنقاذ وواصلت المسير، وكأن شيئا لم يكن وكأن المشروع بخير، ولهذا لا يمكن أن يحقق المشروع اي نجاحات لأنه يسير على نفس الخطى التي سار عليها اسلافهم وهذه أهم المشاكل التي افشلت كل المواسم السابقة، التي لم تشهد أي شكل من أشكال الإصلاح المؤسسي أو إعادة البناء والتي بدونها لن يتحرك المشروع إلى الأمام بل وسوف تتراكم مشاكله مما سيقود للإنهيار الكامل Total Collaps ولأن عظم ظهر هذا المشروع قويا وبنياته التحتية متينة، ما جعله يبقى حتى الآن لأن ما حدث له من دمار كان جدير بأن يزول من وجه الأرض.
* هنالك قضايا أخرى هامة، عجلت بالفشل المبكر في كل عروات ومواسم المشروع، وقد تناولنا جانبا منها هنا في مساحة (رحيق السنابل) وتحديدا إقترحنا على الحكومة الانتقالية ورئيسها حمدوك، أن تعقد مؤتمرا خاصا بمشروع الجزيرة، لأنه من أكثر المشاريع التي يمكن الاعتماد عليها في المرحلة الانتقالية لخلق مردود اقتصادي واضح في مجال سلع الصادر والمخزون الاستراتيجي للمواد الغذائية، واقترحنا تحديدا ضرورة الاستفادة من الخبرات والكوادر التي عملت بالمشروع وتمتلك الخبرة الكافية لتقديم الدعم المطلوب للنهوض بالمشروع، سيما وأن كل الذين يتولون قيادة هذا المشروع تنقصهم الخبرة والخلفية الإدارية، والمطلوبات العاجلة التي يحتاجها المشروع وبالفعل بدأت مجموعة من الخبراء والمتخصصين في الزراعة والذين عملوا بالمشروع في التحضير لورشة بعنوان رؤية حول مشروع الجزيرة، وإمكانية لعب دوره في تنمية البلاد، وللأسف هذه المجموعة فرغت من كل أوراق العمل وتحضير كل التقدمات المطلوبة لهذا العمل العلمي الضخم، دون أن يجد من يستضيف ويستفيد من هذا الجهد الضخم وغير هذه المجموعة هنالك أفراد يحملون رؤية وأفكار مفيدة لم يتم الإستفادة منهم حتى الآن.
* توقعنا عدم الانسجام بين محافظ المشروع ورئيس مجلس الإدارة في الخروج برؤية عملية لانجاح المشروع ومواسمه الزراعية، لتصدق توقعاتنا وإتضح أن محافظ المشروع من أنصار الإبقاء على قانون ٢٠٠٥ لمشروع الجزيرة المعدل في ٢٠١٤ ، الذي لم يجد من يقف بجانبه سوى المحافظ وبعض المنتفعين. هذا الموقف كفيل بأن يستعجل إعفاء محافظ المشروع الآن وليس مع بداية العام الجديد كما هو متوقع. سنوات الإنقاذ الفائتة احدثت دمارا لم تتم معالجته وللأسف بدأت الآثار الهدامة في التراكم نتيجة لتسيب الإدارة وتعيين كوادر بالمشروع تقليدية ومتواضعة الخبرة والتجربة لا يرجي منها أن تقدم شيء للمشروع. من بعض الآثار المدمرة المترتبة على ضعف الإدارة وتسيبها في كافة عمليات تحضير الأرض والأعمال الفلاحية وغيرها، انعكس ذلك بخروج أكثر من ٤٥٠ الف فدان لا تصلها مياه الري، وفي نفس الوقت يتم حرثها وتسميدها وزراعتها، والنتيجة صفر كبير، خسارة مدخلات لأنها أراضى عالية ومرتفعة لا تصلها المياه نتيجة لتحضير الأرض، بجانب الخطأ الكبير في شق قنوات ابوعشرين بالبوكلين الذي يعمق الحفر لتصبح المياه تحت مستوى أرض الحواشة ولعل هذا سبب العطش المزمن بالمشروع، والذي يتسبب في الهدر الدائم للمياه فإذا كان استهلاك مشروع الجزيرة من المياه في حدود ٥ مليار متر مكعب، ارتفع استهلاك المياه بسبب الهدر وعدم صيانة الترع والمصارف ليرتفع الاستهلاك إلى ٩ مليار متر مكعب سنويا، بخسارة أكثر من ٤ مليار متر مكعب من حصة السودان لا يستفاد منها علاوة على انبات الطفيليات من أشجار مسكيت وغيرها . هذه باختصار أهم مشاكل المشروع والتي بوجودها لا يتوقع للمشروع تحقيق الحد الأدنى من المطلوب تحقيقه. رغم أن كل إمكانيات إنقاذ المشروع متوفرة فقط أسألوا الخبراء والكوادر التي عملت به عن الحقيقة.