من مصلحة الوطن أن لا يتفرق شمل تحالف قوى الحرية والتغيير مهما كانت مساحات اختلاف الرأي والمواقف بين مكوناته تجاه القضايا الوطنية، وعلى رأسها وثائق الاتفاقات مع المجلس العسكري..
قوى الحرية والتغيير أكبر تحالف سياسي مجتمعي في تاريخ السودان نجح في ضم قوى متباينة سياسيا وفكريا، بل وحتى أن بعضها من الحركات المسلحة التي ظلت تقاتل الحكومة لسنوات طويلة.. وهو بهذه الفسيفسائية الدقيقة استطاع إنجاز ثورة شعبية كاسحة اقتلعت نظام حكم مستبد باطش، من الحكمة أن يواصل هذا التحالف مسيرته خلال الفترة الانتقالية حاكما بل ومن الحكمة أن يدخل الانتخابات موحَّدا لا متفرقا في أحزاب ومكونات سياسية أخرى..
في المقابل أيضا؛ الأجدر أن تتوحد المعارضة خلال الفترة الانتقالية في جبهة أخرى مقابلة لتحفظ التوازن بين الحكم والمعارضة، فالدولة القوية يصنعها حكم قوي ومعارضة قوية يمثِّلان جناحان يرفرفان في الفضاء ولا يتناقضان..
إدارة الخلافات داخل التحالف الواحد يبرهن على رشد الممارسة السياسية، والآن قوى الحرية في المحك لتثبت للشعب أنها قادرة على التماسك والسير بإيقاع منتظم مهما كثرت الأرجل و”الخطاوي” ..
لا يضر البلاد كثرة الأحزاب المسجلة ففي الأجواء الديموقراطية المعافاة تقوى التجربة يوما بعد يوم وتندمج الأحزاب ذات البرامج المتشابهة وتذوب التحالفات بعض المكونات السياسية في أجسام أكبر.. فنحن الآن في مستهلِّ مرحلة تعددية ديموقراطية جديدة ستكون التحالفات الكبيرة بديلا للمنافسة بين أحزاب متفرقة.. وبكل يقين ستصنع هذه التحالفات ديموقراطية قوية لا تهتز من الزلازل مهما بلغت قوتها..
المستقبل مفتوح أمام قوى الحرية والتغيير، فيجب أن تكون النظرة إلى ما هو أبعد من توقيع الإعلان السياسي ثم الدستوري.. هذه مجرد خطوة أولى صغيرة في مشوار طويل صعب وهضاب عالية تنتظر في الطريق الصاعد نحو بناء دولة السودان الحديثة.. ومن الحكمة أن لا يغرق الجميع في شبر ماء المرحلة الراهنة.. النظر في الأفق نحو المستقبل يهون كثيرا من تباين الرأي والرؤية..
ليت قوى الحرية والتغيير توقِّع على الإعلان الدستوري بأعجل ما تيسَّر وتطوي هذه الصفحة ليتمتع الشعب بأول حكومة مدنية بعد انتصار الثورة.. ولتبدأ مرحلة الدولة.. مرحلة بناء دولة السودان الحديثة..