* بينما تبقت أربعة وعشرون ساعة فقط للمواكب المليونية لقوى الحرية والتغيير تخليدا لشهداء الثورة، ورفضا لممارسات المجلس العسكرى القمعية ومماطلته في تسليم السلطة الى المدنيين، ومثلها لنهاية المهلة التى اعطاها مجلس السلم والامن الافريقى للمجلس العسكرى لنقل السلطة الى حكومة مدنية انتقالية برئاسة مدنية وإلا فرض المزيد من العقوبات على السودان المعلقة عضويته وكل انشطته في الاتحاد الافريقى، يصر (حميدتى) على المضى قدما في تشكيل حكومة تصريف الاعمال التى يرفضها الجميع، ويجتمع في هذا الاطار بالعاصمة التشادية (إنجمينا) مع بعض قادة التمرد في دارفور (مناوى رئيس حركة تحرير السودان، وأحمد تقد ومحجوب حسين من حركة العدل والمساواة) بوساطة من الرئيس التشادى (إدريس دبى)، فى مقابل حصوله على مساعدة (حميدتى) لفتح قنوات اتصال مع المعارضة التشادية التى تربطها به صلة رحم.
* في لقائه أمس مع رؤساء تحرير الصحف، قال (البرهان) إنهم جاهزون إذا أرادت قوى الحرية والتغيير تشكيل الحكومة، ولكنه لم يتطرق الى الشروط أو التفاصيل التى يمكن لقوى الحرية والتغيير بناءً عليها تشكيل الحكومة. هنالك من يقول ان المجلس العسكرى طلب عبر الوسطاء تنازل قوى الحرية والتغيير عن (17 %) من نصيبها في المجلس التشريعى، بينما احتوت المبادرة الافريقية الاثيوبية المشتركة على تعديل جوهرى يخص المجلس التشريعى لا علاقة له بنسب المشاركة، ومن المتوقع ان تكون قوى الحرية والتغيير قد اجتمعت امس على مستوى اللجنة التنسيقية ووفد التفاوض لإبداء رأيها النهائى فيه وبقية بنود المبادرة المشتركة.
* حسب مصادرى، فإن تكتلين كبيرين من قوى الحرية والتغيير وافقا على المبادرة، وغالبا ما توافق كل القوى عليها، الأمر الذى سيضع المجلس العسكرى أمام تحدٍ جديد وهو يواجه نهاية المهلة الافريقية والمواكب المليونية غدا، والضغط الأمريكى الأوروبى الذى يرفض تكوين حكومة بمعزل عن قوى الحرية والتغيير، ويسعى في نفس الوقت لتوسيع دائرة المشاركة (ما عدا المؤتمر الوطنى والقوى السياسية التى كانت متحالفة معه)، لضمان الامن والاستقرار خلال الفترة الانتقالية.
* في الاثناء اكملت قوى الحرية والتغيير استعدادتها للمواكب المليونية المحدد لها الساعة الواحدة ظهر يوم الغد (الأحد، 30 يونيو، 2019 ) إلا إذا حدث ما لم يكن في الحسبان، مثل عودة الطرفين الى مائدة التفاوض، أو ربما زيارة مفاجئة لرئيس الوزراء الاثيوبى (آبى أحمد) ورئيس المفوضية الافريقية (موسى فكى) للخرطوم (اليوم أو غدا) في مسعى لإيقاف التصعيد وإصلاح ذات البين. قوى الحرية والتغيير أعلنت عصر أمس عن مسار المواكب في ولاية الخرطوم والتى ستنتهى بمنازل بعض الشهداء تخليدا لهم، وهو بدون شك قرار ذكى يعطى بُعدا ثالثا لها يرتبط بالشهداء والتضحية الغالية التى قدموها لتحقيق تطلعات الشعب التى تعيقها مناورات المجلس العسكرى، وينأى بها في نفس الوقت عن التصعيد ومواجهة المجلس العسكرى، خاصة مع تحفظ البعض عليها.
* بهذا القرار الذكى اخرصت قوى الحرية والتغيير الألسن التى تتهمها بتعريض حياة المواطنين للخطر بتسيير مواكب قد يحدث فيها ما لا تحمد عقباه تحت ظل التوتر الشديد الذى يسود المشهد السياسى بعد وقوع جريمة فض الاعتصام، وهو إتهام كان حرياً بهم توجيهه للمجلس العسكرى الذى إرتكب الجريمة، وهو الذى بيده توفير الامن والحماية لمواكب الغد، أو الاعتداء عليها وارتكاب جرائم دموية تضاف لجريمته السابقة، وكما قالت قوى الحرية والتغيير في المؤتمر الصحفى أمس، فإن كامل المسؤولية تقع على المجلس العسكرى في حالة حدوث اى إعتداء أو فوضى !!
* إذا كان المجلس العسكرى جادا في إنحيازه للثورة المجيدة، وإحترامه لأرواح الشهداء، ومؤمنا بدولة مدنية ديمقراطية تُحترم فيها حقوق الإنسان وحرية التجمع السلمى والتعبير، فعليه ان يتحمل المسؤولية كاملة في تأمين الحماية والأمن والسلام لمواكب الغد، ويعطيها مطلق الحرية في التعبير عن مواقفها، وليس العكس .. كما يروج الذين تتحرك ألسنتهم واقلامهم بالخيوط المشدودة بالعطايا والظروف !