غداة الإطاحة برأس النظام ، كنا قد تنبأنا وفقاً لمعطيات ومؤشرات واضحة بما يمكن أن يكون وقلنا أن ماحدث هو إزاحة للبشير فقط ولكن نظامه موجود بشخوصه وكوادره ومتحكم في مؤسسات الدولة وسيظل كذلك طالما أن رؤساء المؤسسات ونوابهم وحتى الرجل الرابع في المؤسسة المعنية هو «كوز ملتزم» ومتمكن في الخدمة المدنية..
كثير من المعطيات وقرائن الأحوال تقول أن ماحدث هو إنقلاب داخلي تحت وطأة الضغط الشعبي لإنقاذ النظام المخلوع وفك إختناقاته وامتصاص غضبة الشارع ، وأن كل ما حدث حتى الآن استبدال البشير بمجلس عسكري ، وتجري الترتيبات للمرحلة الثانية وهي استبدال المؤتمر الوطني بأحزاب الحوار الوطني والتنظيمات التي صنعها واستنسخها المؤتمر الوطني إبان حكمه ليدير اللعبة في الخفاء من خلال هذه التنظيمات التي صنعها لمثل هذا اليوم …
عند اشتداد الضغط على النظام كان لابد من التضحية برأسه وتقديمه كبش فداء خاصة بعد أن أدركت خلية إدارة الأزمة بالمؤتمر الوطني أن البشير أصبح «كارتاً محروقاً» إقليمياً ودولياً ومحلياً ولم يعد صالحاً لأية لُعبة سياسية ، وقد تم استبدال هذا الكارت المحروق بالمجلس العسكري الذي ضم غلاة الإسلاميين في المؤسسة العسكرية (عوض ابن عوف، وكمال عبد المعروف، وصلاح قوش ، عمر زين العابدين، جلال الدين الشيخ، و الطيب بابكر…)..
والآن جاءت المرحلة الثانية لدخول المؤتمر الوطني المسرح السياسي عبر بوابات أخرى ، وقد بدا ذلك من خلال إصرار المجلس العسكري على الحوار والجلوس مع التنظيمات صنيعة المؤتمر الوطني وبعض الأحزاب التي تشاركه المرجعية الفكرية والآيدولوجيا رغم خلافه السياسي معها، وهي أحزاب وتنظيمات تدعم تمدد المجلس العسكري وتوسيع صلاحياته وبسط هيمنته الكاملة على مقاليد الأمور بالبلاد، وهي حليفة للمؤتمر الوطني وبهذه الخطوة يكون المجلس العسكري قد ملأ كل الفراغات بمعاونة القوى الموالية للمؤتمر الوطني ، وضيّق على قوى الحرية والتغيير لسحب البساط من تحت أقدامها، وليس هذا فحسب بل لجأ المجلس العسكري للإستقواء بقوى نداء السودان بزعامة الصادق المهدي الذي بدا ناقماً على قوى الحرية والتغير ومعظماً لدور المجلس العسكري..
إذن نحن أما سيناريو خطير للإلتفاف على أهداف الثورة وتمييع قضيتها الأساسية وتقزيم غاياتها الكبرى وذلك بعد أن استقام الأمر للمجلس العسكري على خلافة الرئيس المخلوع، لتأتي بعد ذلك أحزاب «الفكة» صنيعة المؤتمر الوطني لتنوب عن الأخير ولم يُستبعد أن يعمل المؤتمر الوطني على توحيد هذه القوى ودعمها مالياً وإنشاء تحالف منها ليكون هذا التحالف هو عين المؤتمر الوطني ولسانه وقلبه النابض داخل الساحة الآن..يحدث كل ذلك مع تصعيد الخلاف بين المجلس وقوى الحرية والتغيير لتبرير قيام الإنتخابات المبكرة التي سيخوضها تحالف الأحزاب الموالية للمؤتمر الوطني بأموال الأخير لنشهد مرحلة جديدة من «خج» الصناديق و»كأنك يا زيد ماغزيت»..لذلك الحل في «البل» ، واستمرار الإعتصام ، والإضراب ، وتصعيد الحراك الثوري هو المخرج … اللهم هذا قسمي فيما أملك…
نبضة أخيرة
ضع نفسك دائماً في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله، وثق أنه يراك في كل حين.