أحلام عسكر السودان لم تتوقف منذ أن ظفروا بشراكة غير مستحقة مع المدنيين وأهل الثورة الحقيقيين، وأعني هنا (العسكر المؤدلج)، دخلوا كشركاء في الحكم وأضحوا يتعاملون وكأنهم الحاكم الفعلي، برعوا في الضغط المتواصل على الشعب والمكون المدني واحكموا قبضتهم على مفاصل الحياة واغلقوا الشرايين التي تضخ الدماء في الشارع، ضاعفوا من جرعاتهم المسمومة ليوصلوا تذمر الشارع وسخطه على قوى إعلان الحرية والتغيير وحكومتهم قمته، عطلوا أجهزة الإلزام والعقاب في الدولة لإفقاد الحكومة هيبتها.
يظهرون الحرية والتغيير وحكومتها على انهم أعداء، يفعلون ذلك وهم شركاء في كل شيء لتحسين صورتهم، بل ويسهمون بشكل أو بآخر في تمديد شائعات الخلافات وسوء الادارة وهم بذلك يتساوون مع الفلول (فهم منهم وإليهم) متناسين سوء 30 عاماً قُطَعت فيها بلادنا من خلاف، كانوا صامتين فيها صمت القبور.
زيادات متسارعة في كل شئ، أرقام فلكية للدولار ولأسعار السلع الاستهلاكية، هذا الحال يؤكد ما سبق وذهبنا إليه من نيَة مبيتة من العسكر لتكرار السيناريو المصري واستلام السلطة.
كل الدلائل تشير إلى لُجَة عميقة يريد هؤلاء العسكر المؤدلجين إلقاء ما تبقى من وطن في قاعها، عسى أن يرضي غرورهم في إحكام سيطرتهم على الدولة وتمكيناً لنظامهم السابق مرة أخرى.
كنا ولا زلنا نعشم بشدة في منح الحكومة الانتقالية ثقتها التامة للشعب الذي انتظرها طويلاً، لتكشف له عن حقيقة العلاقة بينها وبين العسكر في الشراكة المسمومة التي أضحت خنجراً يصعب إخراجه من خاصرة الثورة والشعب على السواء، الشعب لا يرغب في شئ أكثر من الشفافية المطلوبة في مثل هذه الشراكة المفخخة، وما الذي يخفيه الشقَ المدني عن شعبه من تراخٍ وتهاون وضرب بطئ للثورة من قبل الشقَ العسكري؟
ما يحدث اليوم وغداً (إن لم يجد في الأمر جديد) سيدفع ثمنه الشعب غالياً، وسيفتح الباب واسعاً لأعداء الثورة والأحزاب اللاهثة للسلطة تحت كل الظروف وفي جميع الأوقات ولو ببيع شرفها السياسي.
أطلقوا عليها شراكة، وفي حقيقتها (شرك) تم نصبه بدقة وعناية، وسقط فيه الأبرياء، وهنا تحضرني كلمات الماجد بعيد النظر، مهدي رابح برير قبل عام من الآن، عندما تبلغ السوريالية مداها:
الرصاص يحصد العزَل و نحتسب الشهداء كل يوم تقريباً، وهو ما نخشاه غداً.
موسم زراعي على حافة الفشل.
لصوص يكرمون بزعم انهم زعماء عشائر (إدارات أهلية).
الأوغاد ما زالوا يسيطرون على مفاصل الدولة وفي المؤسسات الحساسة، بما فيها الصحافة والاعلام.