أعلن الجهاز المركزي للإحصاء، إن معدل التضخم انخفض إلى (387.56) % في شهر أغسطس مقارنة ب(422.78) % لشهر يوليو السابق له بانخفاض 35.22 نقطة. و قال الجهاز عبر بيان صادر عنه يوم الثلاثاء الماضي، إن معدل التضخم لمجموعة الأغذية و المشروبات انخفض في شهر أغسطس إلى (260.76) % مقابل (272.59)% في شهر يوليو الماضي. وأوضح البيان أن المعدل الأساسي، بدون مجموعة الأغذية و المشروبات، بلغ (541.06)% في شهر أغسطس مقارنة ب(625.78)% في شهر يوليو. و أشار إلى تراجع معدل التضخم للسلع المستوردة في سلة المستهلك إلى (222.29)% لشهر أغسطس مقابل (240.81)% لشهر يوليو السابق له..وعلى ضؤ هذا الاعلان عمت فرحة غامرة المواطنين بحسبان ان انخفاض التضخم يعني تلقائيا انخفاض الأسعار، ولكن للأسف جاء انخفاض التضخم بما لا يأمل الناس، اذ سرقت الأسعار الفرحة منهم ولسان حالهم يقول (يا فرحة ما تمت)، حيث شهدت أسعار السلع ارتفاعا مفاجئا بعد أقل من ثمانية وأربعين ساعة على اعلان جهاز الاحصاء، ورصدت بعض صحف الخرطوم الصادرة يوم الخميس، ارتفاع أسعار عدد من السلع، منها كيلو السكر الذي ارتفع من320 إلى350 جنيها.وكيلو العدس الذي ارتفع الى 1000جنيه بدلا من 900، كما ارتفعت أسعار زيوت الطعام وتفاوتت مابين 500 الى 600 جنيه للرطل الواحد، وغيرها من زيادات، وهنا تكمن المفارقة مابين سلة الاحصاء وقفة حاجة صفية..
لقد درج جهاز الإحصاء على إعلان معدلات التضخم (صعودا وهبوطا) بين الفينة والأخرى، وفقا ل(سلته) التي تحوي عددا من السلع والخدمات، وفي آخر إعلان له هذا الشهر، كشف عن انخفاض معدل التضخم من (422.78) الى(387.56)، أما قفة الحاجة صفية فقد ظلت ترصد يوميا الارتفاع المضطرد في الأسعار، غض النظر عن إحصاءات جهاز الإحصاء حتى لو رصدت هبوطا ملحوظا في انخفاض معدلات التضخم كما هو حادث في اعلانه المشار اليه، وهنا تكمن المفارقة ما بين (سلة الإحصاء) و(قفة حاجة صفية)، لا بل حتى بين الاقتصاد كعلم وأرقام ونظريات، والواقع المعيش في الأسواق والملجات والجزارات الخ، فربات البيوت وأرباب الأسر من غمار الناس، ليس لهم في علم الاقتصاد غير قفة الملاح، عندما تمتلئ قفتهم عافية يكون الاقتصاد عندهم معافى، والعكس صحيح، لا يفقهون في أحاديث الساسة والاقتصاديين حول التضخم وعرض النقود والأداء الكلي للاقتصاد والسياق التاريخي لظهور العولمة والميل الحدي للاستيراد والبضائع المثلية والبطالة الاحتكاكية والناتج المحلي والدخل القومي والميزان التجاري وميزان المدفوعات وهلمجرا من كلام كبار كبار لا يأبهون له، كما يعرفون ويأبهون للميزان أبو كفتين عند أصحاب التشاشات والرواكيب والدكاكين والكناتين والبقالات والكيلة والملوة والمد عند باعة البصل والفحم وما شاكلهما، والربطة والكوم عند الخضرجية وغير ذلك من مقاييس ومكاييل تشكل مدار حياتهم اليومية..فها هو التضخم ينخفض والأسعار ترتفع بل هي كل يوم في (شأن)، في هزيمة بائنة للأحاديث النظرية المستبشرة بتعافي الاقتصاد وانخفاض معدل التضخم وارتفاع قيمة العملة الوطنية الى آخر هذا الكلام الذي يصادم الواقع، الناس في حاجة فقط لبيان بالعمل ينعكس فعليا وعمليا على قفة الملاح وهذا ما يأملونه..