حدث ما كان متوقعاً، باتخاذ خطوة تصعيدية تباعد الشقة بين المجلس العسكري الانتقالي وقوى الحرية والتغيير.
صحيح أن الخلافات داخل قوى التغيير موجودة، وتباين وجهات النظر عديدة، لكنها ليست مقلقة، غير أن ما يُدخل “الأجواء العامة” في مرحلة حرجة، هو التصعيد بين التجمع والقيادة العامة!
أمس علق تجمع المهنيين السودانيين التفاوض مع المجلس العسكري الانتقالي ودعا لاستمرار الاعتصام، ليضع بذلك الكرة أمام المجلس وقياداته.
المعلومات المتوفرة أن تياراً داخل قوى الحرية والتغيير، يشترط إبعاد الفريق أول عمر زين العابدين، والفريق أول أمن جلال الدين الشيخ، والفريق شرطة الطيب بابكر من عضوية المجلس، كما أنه يشترط كذلك الاعتراف بقوى الحرية والتغيير كممثل وحيد للحراك الثوري، وتسليم السلطة السيادية له لتشكيل مجلس رئاسي فوري.
وهناك ثلاثة مستويات تقصدها قوى الحرية والتغيير، هي المجلس السيادي والجهاز التنفيذي، والبرلمان.
بدأت تباينات وخلافات محدودة حول الأسماء، لاختيار سبعة من مجموع ما يقارب 35 اسماً مرشحاً والتوافق عليها، ثم الاتفاق على جهاز تنفيذي وبرلمان.
القوى السياسية الأخرى – خارج التجمع – وتحديداً أحزاب الحوار الوطني التي كانت مشاركة في الحكومة، تبدو أنها أقل حظاً في وضع سياسات المرحلة المقبلة والمشاركة في الحكومة الانتقالية..
غير أن الخلافات الجوهرية وليست تلك الشكلية تتمثل أيضاً، في وضع جهاز الأمن والصلاحيات الممنوحة له والمطالبة بحله وليست إعادة هيكلته، وإقصاء رموز النظام السابق من جميع مفاصل الحكم، فضلاً عن تبعية قوات الدعم السريع في الجيش، وعدم دمج قوات الدفاع الشعبي داخل القوات المسلحة.
المجلس العسكري، حتى الآن لم يُصدر ردود فعل استفزازية، بل إنه كان يتجاوب بمطالب بسيطة تقربه للشارع، لكنها لم تفعل.
فقد أعفى سفيرين بحجة أنهما يتبعان للنظام السابق، رغم وجود عدد من السفراء الذين جاءوا للخارجية من بوابة التعيينات السياسية، وأعفى وكيل وزارة بعد تعيينه لساعات، بعد تزايد مطالبات من الصحفيين بإبعاده، وذلك بدلاً عن تطبيق نهج جديد في الإعفاء والتعيين.
صحيح أن رئيس المجلس العسكري عبد الفتاح برهان تحدث عن نقاط يمكن وصفها بالإيجابية، لكنها ليست كافية، لأنها لم تحظَ بتفاعل “شارع عريض” مازال قلقاً من عودة الأوضاع الأولى.
علَّق التجمع التفاوض، فماذا سيفعل المجلس؟!