لم يدن مجلس الأمن والدفاع عمليتي قتل الشهيدين بهاء الدين نوري وعزالدين علي، بأوضح وأقوى العبارات، وانما للأسف الأسيف وردت في تصريح له لم يتعد سطراً واحداً بخصوص حادثتي القتل خارج اطار القانون، عبارة أقل ما توصف به أنها مستفزة ومخاتلة وتصادم الحقيقة، اذ قال عنها أنه يعرب عن أسفه البالغ للإحتكاكات التي حدثت مؤخراَ بين بعض منسوبي الأجهزة الأمنية ومواطنين نتج عنها إزهاق أرواح قال إنها غالية على الوطن..قال احتكاكات قال..هذا والله التفاف مفضوح ومكشوف على حقيقة ما جرى للشهيدين، حيث لم يكن هنالك أدنى احتكاك وقع بينهما وبين قتلتهما، فالوقائع المثبتة والمؤكدة لعملية اختطاف الشهيد بهاء الدين، تقول ان الشهيد كان يجالس مجموعة من أصحابه بأحد مقاهي سوق حي الكلاكلة، وحوالي الساعة التاسعة والنصف صباحا حضر شخص وسأل بائعة الشاي عن بهاء الدين باسمه، وعندما عرفته به، اتصل الرجل بجهة ما، فحضرت عربة بدون لوحات يستقلها عدد من الأفراد بالزي المدني وطلبوا منه الصعود معهم في العربة، فقام بهاء وبكل هدوء وركب معهم وبقية القصة اعترفت بها حتى قيادة الدعم السريع، فأين بالله عليكم هذا الاحتكاك الذي يتحدث عنه مجلس اللولوة، أما الشهيد عزالدين فهو الآخر كان في قبضة الشرطة معتقلا بأحد حراساتها، ومورس عليه التعذيب العنيف المفضي للموت داخل الحراسة، بواسطة عناصر من شرطة المباحث الفيدرالية بأمبدة الحارة 15 فأين حدث هذا الاحتكاك الذي يزعمه المجلس، انها لولوة والتفاف على الحقيقة من عينة تلك اللولوة التي كتب عنها مرة زميلنا الصحفي الراحل هاشم عثمان رحمه الله، فالزميل الحبيب المرحوم كتب عن اللولوة ما مفاده أن شخصاً قال لصاحبه يا أخي زولك الجبتو لي ده اتجاه واحد ما (تفتيحة) وكلامو كتير ومتفلسف وعامل لي بتاع مبادئ ودغري.. الزول ده ما بنفع معاي في شغلنا ده نحن ناس المنقة والأنناس أنا داير لي زول أقول ليهو عندك كم أضان يقول لي (تلاتة) أضنين وأربعة عيون يعني زول (ملولو) شفت كيف..وهذا عين ما فعله مجلس الأمن والدفاع الذي تلولو على الحقيقة ودغمسها، وهي عندي حركة من حركات (ود الموية)، فود الموية كائن صغير يعيش في المياه الراكدة ويتجول داخلها برشاقة وخفة متناهية، ويغير اتجاه حركته بسرعة قياسية، بدرجة لا يمكن لكائن من كان أن يحدد وجهته أو يتمكن من القبض عليه مهما فعل ومهما تربص به، ومن يشتهر بين بني البشر بالبراعة في ممارسة أساليب الزوغان والروغان وتغيير الاتجاهات والمواقف يطلق عليه ود الموية، واستحق المجلس أيضا أن يطلق عليه هذا الاسم..
لقد كان مؤلماً ومستفزاً أن يعزو مجلس الأمن والدفاع سبب الفظاعة والشناعة والبشاعة التي مورست على الشهيدين، لما أسماه زورا عملية (احتكاك) حدثت بين بعض منسوبي الأجهزة الأمنية ومواطنين نتج عنها إزهاق أرواح، وهذه لولوة مثيرة للشك يحاول هذا المجلس ان يجد من خلالها مبررا لقتلة الشهيدين ولكن هيهات..