كان أقصى ما بلغه سوء الظن عندي.. وظللت أروج له بالفعل بين خاصتي وأصدقائي.. هو أن أقصى ما يمكن أن يكون قد تعرض له الصحافي السعودي جمال خاشقجي.. هو أن يكون قد تعرض لعملية اختطاف من داخل قنصلية بلاده.. وأنه قد نقل إلى مكان ما يكون تحت السيطرة.. وحين بدأت الإرهاصات تترى عن احتمال مقتله.. مع كل التفاصيل التي يعرفها القارئ.. كانت تلك نقطة فارقة حين أعلنت النيابة العامة السعودية.. في ما وصف.. لدى البعض.. بالاعتراف المتأخر.. عن مقتل الرجل وداخل مقر القنصلية السعودية بأستنبول.. كان جليا.. كما تقول العرب.. أن جهيزة قد قطعت قول كل خطيب.. إلا ترامب.. وهذا هو موضوعنا اليوم.. صحيح أن الضجة التي أثارتها الحادثة لافتة جدا.. مقارنة بحوادث كثيرة مشابهة كان فيها الضحايا من تخصصات أخرى.. ولكن حادثة خاشقجي والاهتمام العالمي بها قد رفع الصحافة درجات عليا.. غير ذلك فموضوعي اليوم سينصرف إلى مواقف ترامب..!
والواقع أن مواقف ترامب.. في تحليلي الخاص.. لم تبدأ بعد الكشف عن مقتل خاشقجي.. أو قل اختفائه.. قبل التأكد من مقتله.. بل هذه المواقف الترامبية قد بدأت في الواقع قبل نحو أكثر من شهر من بداية مسلسل خاشقجي.. فدون أي مقدمات.. وحتى دون أي مناسبة.. طالب ترامب السعودية أن تدفع ثمن حمايتها.. كانت الدهشة سيد الموقف.. لدى الجميع.. حتى رويترز.. ملكة الاستقراء والتحليل.. وصفت تصريح ترامب ذاك بأنه غير دبلوماسي.. فماذا قال ترامب قبل شهر.. )أطلق الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، تهديدا جديدا طال العاهل السعودي، الملك سلمان بن عبد العزيز. وقال ترامب في تجمع انتخابي في ساوثافن بولاية “مسيسبي” الأمريكية: “قلت صراحة إلى الملك سلمان إنه لن يظل في الحكم لأسبوعين من دون دعم الجيش الأمريكي”. وتابع: “نحن نحمي السعودية، ستقولون إنهم أغنياء… أنا أحب الملك، الملك سلمان، لكني قلت له، أيها الملك نحن نحميك، وربما لا تتمكن من البقاء لأسبوعين في الحكم من دون جيشنا، لذلك عليك أن تدفع”. وأوضح ترامب أن هذا كان خلال ضغطه على السعودية من أجل كبح عملية ارتفاع أسعار النفط العالمية. ووصفت وكالة “رويترز” تصريحات ترامب الجديدة بأنها تصريحات “غير دبلوماسية” صادرة عن الرئيس الأمريكي، تجاه العاهل السعودي. ووفقا لوكالة “واس”، بدأ الملك سلمان جلسة مجلس الوزراء بإطلاع المجلس على فحوى اتصاله الهاتفي بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وما تم خلاله من بحث للعلاقات المتميزة وسبل تطويرها في ضوء الشراكة الاستراتيجية بين البلدين…(
إذن لقد بدا ترامب واثقا من نفسه.. ومن حاجة السعودية للحماية الأمريكية.. اللافت كذلك.. هذه الفقرة الأخيرة والمنسوبة للوكالة السعودية الرسمية والتي لم تنتقد حديث ترامب بل وصفت العلاقة معه بأنها استراتيجية..! هل يمكن الآن وعلى ضوء هذه الخلفية.. الغريبة.. أن نعيد قراءة مواقف الرئيس الأمريكي..؟ الذي يسبح ضد التيار الأمريكي نفسه.. منذ بداية الأزمة..؟ حتى رواية الشجار )1 ضد 15( التي يرى كثيرون أنها عصية على التصديق.. يرى فيها ترامب رواية متماسكة وبداية في الاتجاه الصحيح..!
والآن.. حين تحدث ترامب عن حاجة السعودية للحماية الأمريكية.. هل كان على علم بما سيحدث.. أم كان يرجم بالغيب.. أم أن الحجب قد كشفت له فرأى ما لم تر رويترز وصويحباتها..?!