صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

لقاءات المسؤولين السودانيين والإسرائليين.. جــــدل مستمر

13

بدأت إسرائيل تبحث عن موطئ قدم لها في السودان منذ الشهر الثاني للاستقلال مباشرة في فبراير من العام 1956، فبدأت بإقامة علاقات مع النخب السودانية ابتدرتها بلقاءات مع حزب الأمة مستقلة ما كان من صراع بين الاتحادي والأمة في ذلك الوقت، ما بين الانفصال او الاندماج مع مصر، حيث التقى مبعوث إسرائيلي برئيس الوزراء السوداني عبد الله خليل وتأسف عبد الله خليل في اللقاء عن عدم وجود قنوات اتصال مع إسرائيل، وعبَّر عن رغبته في وجود علاقات اقتصادية معها. فعملت إسرائيل على الدعم الاقتصادي لحزب الأمة. بحسب ما جاء في مذكرات رجل أعمال إسرائيلي .
لقاء عبد الله خليل وغولدا مائير:
وفي 17 سبتمبر 1956م،اتخذت إسرائيل عدة تدابير اقتصادية إضافة للدعم المالي الذي قدر بـ300 ألف دولار قرضاً للسيد المهدي وجدولة تسديده كان إبرز المشاريع إقامة بنك زراعي في السودان يكون خاصاً بتصرف إسرائيل ومشاريعها الاقتصادية المستقبلية في السودان، باعتبار أهميته الإستراتيجية لها في أفريقيا والاتصال بعدد من الدول الأوروبية لإشراكها في هذه المشاريع. وعقدت بعدها وزيرة الخارجية الإسرائيلية غولدامائير اجتماعاً سرياً مع عبد الله خليل في العام اللاحق للاستقلال للتنسيق بين الجانبين.
المهدي وبريز:
ولم تقف لقاءات حزب الأمة بالإسرائيلين عند هذا الحد، ففي العام 2005 التقى الصادق المهدي برئيس الوزراء الإسرائيلي شيمون بيريز ورغماً عن نفي الصادق لهذا اللقاء، إلا أنه عاد في وقت آخر وأقر أنه صافحه فقط.
فيبدو أن أغلب النخب السياسية السودانية بمستوياتها المدنية والعسكرية، تسير بحياء واضح نحو التطبيع الكامل مع إسرائيل، لكنها تخاف من الشعب السوداني وغضبته حيال القضية الفلسطينية والمبدأ العقائدي فيها.
نميري وشارون:
أيضاً التقى الرئيس السوداني الأسبق جعفر نميري بإرييل شارون وذكر شارون في مذكراته المسماة (المغوار)، أنه التقى نميري للتباحث حول قضايا تخص القارة الأفريقية. وقال إن اللقاء تم ترتيبه بواسطة رجل أعمال إسرائيلي يدعى يعقوب نمرودي كانت نتيجته ترحيل اليهود الفلاشا من إثيوبيا عبر السودان, وكان هم نمرودي من خلال ترتيب اللقاء خلق مصالح اقتصادية ثنائية بين إسرائيل والعرب, تقود الى السلام. وتم اللقاء في الثالث عشر من مايو من العام 1982 .
لقاءات وزراء الإنقاذ:
أما في الماضي القريب جداً، فإن حكومة الإنقاذ أيضاً لم تكن بعيدة عن هذه الضجة السياسية وعزمها التطبيع مع إسرائيل. فعلى الأقل ثلاثة وزراء هما وزير الخارجية مصطفى عثمان إسماعيل ووزير الخارجية اللاحق إبراهيم غندور ووزير الاستثمار المعروف مبارك الفاضل الذي لم يخفِ في السابق ولا حتى في الوقت الراهن تأييده بالتطبيع مع إسرائيل والدعوة له صراحة وقد كشفت تسريبات ويكليكس عن برقية تم إرسالها في العام 2008 صرح فيها الدكتور مصطفى عثمان إسماعيل وهو مستشار الرئيس السابق عمر البشير أن حكومة السودان تقترح أوجهاً للتعاون مع الولايات المتحدة تتضمن التطبيع مع إسرائيل ولم يؤكد او ستشار حينها ما جاء في ويكليكس أما غندور فقد صرح أن السودان يمكنه دراسة التطبيع مع إسرائيل.
القواسم المشتركة:
هناك قواسم مشتركة بين اللقاءات السابقة لزعماء سودانيين بكبار المسؤولين الإسرائيلين. لقاء نميري وشارون ولقاء نتنياهو البرهان فكل منها كان بسرية تامة او هكذا كانوا يعتقدون إلا أن الجانب الإسرائيلي كالعادة يذيع الخبر بأسرع مما يتصور الجانب السوداني، وهناك وجه شبه بين لقاء النميري بشارون ولقاء البرهان نتنياهو هو مكان اللقاء حيث التقى الجانب الإسرائيلي بكل منهما في دولة أفريقية. فلقاء نميري كان في نيروبي عاصمة كينيا بينما كان لقاء برهان في يوغندا. وربما كانت الطبيعة السياسية لدول الجوار السوداني مختلفة عما هي عليه الآن. فليبيا القذافي كانت غير ليبيا الحالية المتشرذمة حتي داخلها ناهيك عن أن تتخذ موقفاً ضد إسرائيل او أية دولة اخرى وكل دول القارة الافريقية تجأر من المشاكل السياسية والاقتصادية الشائكة، وحتى السودان انفصل الى سودان شمالي وآخر جنوبي.
البرهان ونتنياهو:
بالأمس فاجأ الفريق عبدالفتاح البرهان الشعب السوداني، بل وحتى حكومته بلقاء رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بيوغندا التي غادر إليها سراً حيث أنكر الناطق الرسمي باسم الحكومة في بيان صحافي علمهم بالزيارة واللقاء وكذلك وزيرة الخارجية أسماء عبد الله التي نفت أن تكون لها صلة بالزيارة او حتى علم بها، وقد وجد اللقاء بين البرهان ونتنياهو صدىً كبيراً ما بين متحفظ وموافق ورافض له حتى داخل الحكومة. وكما جاء في الأخبار من الجانب الإسرائيلي أن اللقاء سيكون بداية لتطبيع بين الجانبين وأن من ضمن مطلوباته التوسط لدى الولايات المتحدة لرفع اسم السودان من القائمة الأمريكية للارهاب التي ظل بها قرابة الثلاثين عاماً.
يظل لقاء البرهان الأكثر إثارة للجدل السياسي والاجتماعي، خاصة وأنه كان لاحقاً لدعوة شخصية من وزير الخارجية الامريكية للبرهان لزيارة واشنطن.. فهل أصبح البرهان فتى الدولتين العظميين المدلل؟! ولماذا البرهان وليس عبد الله حمدوك؟ وهل سيكون لهذا اللقاء تبعات سياسية او اقتصادية تعشمت فيها حكومة البرهان لحل الضائقة التي تمر بها البلاد، ام سيكون اللقاء فرطقة إعلامية يحاول الكيان الصهيوني تجييرها لصالحه للكسب السياسي؟ مقبل الأيام كفيلة بالإجابة عن هذه التساؤلات .

 صحيفة الانتباهة

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد