صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

في الأحزاب والشباب ..!

9

 

هناك فرق

منى ابوزيد

في الأحزاب والشباب ..!

 

كل آفاتنا السياسية تبدأ من خطل المؤسسة الحزبية، وكلها تنتهي باستقامة عوجها”.. الكاتبة..!
من القناعات التي تمخّضت عنها جُهُود المُفكِّر الجزائري “مالك بن نبي” في دراسة المُشكلات الحضارية في عالمنا الإسلامي، قناعة لطيفة مفادها أنّ التاريخ يجب أن ينتهي في نقطةٍ ما لكي يتجدّد في نقطةٍ جديدةٍ. وعن هذا يقول: “يجب أن يفشل التاريخ، يجب أن يفلس التاريخ، ونحن يجب أن نُعلن هذا الإفلاس لكي يشعر الشباب بأنّهم على طريق البداية، فإعلان الإفلاس هو أول خطوة في الطريق الصحيح”..!
لكن الحكومات في عالمنا العرب إسلامي تهمل الشباب – كما يقول الكاتب المصري الساخر “جلال عامر” – فتتحوّل مُؤسّسات الحكم، ومراكز صناعة القرار، وأيقونات القيادة في الكيانات الحزبية، إلى دُور مُسنين..!
ولعلّ هذا ما أراد أن يقول به د. “أمين حسن عمر”، القيادي بحزب المؤتمر الوطني، حِينَما طَالَبَ – في مَعرض موقفه الداعي إلى التّغيير – بتقديم رئيسٍ جديدٍ للمؤتمر الوطني، يكون في عُمر “الأربعين”، وبذلك يكون أكثر قُدرةً على فهم أصوات الشباب وقضاياهم..!
د. “أمين” يقول إنّ تَحوُّلاتٍ كُبرى قد حدثت في الساحة العامة، وإنّ خبرته وأبناء جيله قد لا تتلاءم مع ضرورة المرحلة. فأي شخص تجاوز عمره الستين عاماً ينبغي أن لا يتم تَقديمه إلى موقع إدارة المسؤولية في الحال الراهنة. فالتجارب غير قابلةٍ للاستنساخ، والمطلوب هو أن تكون للقائد الجديد تجربة مختلفة..!
وهذا حديثٌ لا غبار عليه من حيث المبدأ، ولكن حَديث د. “أمين” عن التّجربة المُختلفة يعني أن ينتهج الحزب التجريب باختيار صاحب تجربةٍ جديدةٍ، لم تتوافر لها الفُرص الكافية لإثبات الجدارة والجاهزية لصناعة النجاح في قيادة أولئك الشيب والشيبان. ونحن إذا سلمنا بضرورة التّجريب على عواهنه، فهل يَصح أن يقفز “أصحاب الوقت” بتلك التّجربة الجَديدة إلى قِمّة الهرم، أم أنّ الأجدى والأولى هو أن يُدشِّنوا برنامجاً لإعداد القادة الجُدد، ثُمّ يكون تنفيذ مُقترح د. “أمين” هو المرحلة الثانية. فيكون تسلُّم القائد الشاب مقاليد القيادة هو “ستيب تو” كما يقول “الخواجات”..?!
الشباب في سنغافورة – على سبيل المثال – سَبقت قناعة دولتهم بحقهم – في القيادة – تَمكينهم من مُمارسة ذلك الحَق، وبين البَدء بالقناعة والانتهاء بالتّمكين كانت مرحلة الإعداد. وعن هذا يقول “لي كوان يو”، أول رئيس وزراء لجمهورية سنغافورة، – والمُؤسِّس الذي انتقلت الدولة في عهده من العالم الثالث إلى العالم الأول- “بنيت المدارس والجامعات وأرسلت الشّباب إلى الخارج للتّعلُّم، قبل الاستفادة منهم لإدارة وقيادة مُجتمعهم”..!
نحن في السودان لا نزال في مرحلة الدعوة إلى أن تتبنّى مُؤسّساتنا الحزبيّة – على اختلافها وتباينها – قناعة راسخة بأحقية الشباب في القيادة. وإن لم تحدث الاستجابة، فسوف يظل هذا السُّودان مبتلىً بأدمغةٍ سياسيةٍ فشلت قبل أن تنضج. وإن لم يشترك الشباب في صناعة الحياة، فهنالك آخرون سوف يجبرونهم علي الحياه التي يصنعونها. أو كما قال د. “مصطفى محمود”..!

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد