الغلوتية ولك أن تقول الفزورة، هي لغز ينتهي بسؤال غامض عادة ما تصعب الإجابة عليه، ومن الغلوتيات السودانية الشهيرة..عمي تية مصارينو مية..حبوبتي من شدتا ولضتا شايلا جدي فوق فقهتا..ديك شرارة فوق دبّة حدارة قلوب الناس أبنّها والكلاب نبحنّها..ودخل القش وما قال كش..وغيرها من غلوتيات، وحين تطرح عليك الحبوبة أية غلوتية أو لغز من الالغاز وتعجز عن الاجابة الصحيحة تنال منها عقوبة هجائية تسمى (التركيب) كأن تقول لك مثلاً (ركبتك ما ركبتك، ركبتك فوق بعشوم، والبعشوم وكت يلاقي بعشوم أبو الكبّاس يكبس عليك في النوم) وغير ذلك من تراكيب، وأظن أن كل هذا الموروث قد اندثر وانطمر الآن بعد أن انتهى تماما دور الحبوبة أو كاد بعد أن صار لاطفال اليوم حبوبات إليكترونية وفضائية..
طافت بذهني هذه الصور الفلكلورية التراثية وأنا أطالع الخبر الذي يقول على لسان عضو المجلس المركزي ل(قحت) أحمد حضرة، أنهم شرعوا في إجراء مشاورات مع الجبهة الثورية بشأن رئاسة المجلس التشريعي الانتقالي ومهامه ولجانه ولوائحه الداخلية، وأنهم سيشرعوا في التشاور مع المكون العسكري فيما يخص ال (75) مقعدا، وأوضح حضرة أن 12 ولاية استوفت الشروط وبعثت بترشيحاتها، فيما لم ترسل ولايات النيل الأزرق والنيل الأبيض وسنار وكسلا والبحر الأحمر ترشيحاتها، مشيرا إلى إرجاعهم ترشيحات ولاية القضارف لعدم وجود تمثيل نسائي، الى آخر هذا الفيلم الذي حفظنا تفاصيله، اذ لم يأتي متحدث (قحت) بأي جديد يبشر بقرب موعد اعلان تشكيل المجلس التشريعي، فما ذكره عضو المجلس المركزي للحرية والتغيير كله قديم معاد، ‘يبقي أمر تشكيل البرلمان محلك سر ويدور في حلقة مفرغة، رغم الاهمية القصوى للمجلس التشريعي التي لا تحتمل مثل هذا التسويف و(اللكلكة)، حتى بدا الأمر وكأنه شراء للوقت حتى لا يتم تشكيله، واذا ما استمرت (قحت) والشركاء الآخرين في ترديد هذا الموال المكرور الممل، فلن تقوم للمجلس التشريعي قائمة الى أن تقوم نواة التمر وتطرح ثمرا كما في الطرفة، والطرفة تقول أن أحدا استدان مبلغا من المال من آخر، وقضى الدائن على المدين بأن يرد له ماله في وقت اتفقا عليه، وكان الدائن بعد حلول أجل السداد كلما يطالب مدينه بالسداد، يماطله المدين ويكثر من الاعذار والحجج، الى أن كان ذلك اليوم الذي ذهب فيه الدائن الى المدين لحسم الامر بشكل قاطع ونهائي، فوجد صاحبه ممسكا بابريق الماء يتوضأ والى جانب المصلاة ترقد بضعة تمرات، وبعد السلام والكلام سأله الدائن عن مصير دينه، فما كان من صاحبنا الا ان حفرة حفرة صغيرة باظافره ثم أهال عليها التراب وصب عليها قليل من ماء الابريق، وبعد ان أتم عمليته القردية الاستكرادية هذه، التفت الى صاحب الدين وقال له، الدين اتحل باذن الله أهو زرعنا نخلة وتقوم النخلة وتكبر وتطرح ثمرها فنحصده ونذهب به للسوق ونبيعه ومن العائد نسدد لك الدين، فما كان من الدائن من شدة الغضب الا ان أطلق ضحكة من النوع الذي قال فيه المتنبئ (كم ذا بمصر من المضحكات.. ولكنه ضحك كالبكاء)، فقال المدين المستهبل.. بختك ما لازم تضحك بعد ما ضمنت حقك..