. تكاثر علينا ضجيج البراميل الفارغة منذ صبيحة هذا اليوم.. بدأنا يومنا بمناحة قدمتها إحدى مطربات الغفلة حزناً على إقالة مدير قناة (كوز).. وحين يقول شعب السودان عن أي كائن أنه كوز فهذا سبب أكثر من كافٍ لإقالته من منصبه بعد أن فرضوا أنفسهم على أهل السودان بقوة السلاح والأموال المنهوبة والنجومية المشتراة بهذا المال المسروق.. لكن من يشرح لبعض مطربي هذا الزمن الأغبر.. من يوضح لهدى عربي ومثيلاتها وأمثالها بأن الفنان ليس مجرد صوت جميل، أو شكل مليح.. من يُبلغ هذه الكائنات العجيبة أن أي فنان لا يحمل هموم وآلام وتطلعات شعبه لا يستحق اللقب وليس جديراً بأن يتعلق به الناس.. ونعلم جميعاً أن جُل مطربي برنامج أغاني أغاني _ إن لم يكن كلهم _ ومعهم كبيرهم قدور لم ينحازوا للثورة في أي من مراحلها.. ثم بعد أن قدم الأوفياء الغالي والنفيس وتقدمت مهيرات هذا البلد أخوانهم في المظاهرات والمواكب وساحات الاعتصام سعى بعضهم لتزيين صفحاتهم بشعارات الثورة دون أدنى خجل.. وبعد كل ذلك تتأسف هدى على إقالة من أسمته ب (هاديها ومرشدها)، متوهمة أنها ستقنع الناس بوفائها وإخلاصها، ولا أدري كيف لمطرب أن يكون وفياً لفرد وهو العاجز عن الوفاء للوطن وشعبه.. الغالبية تقف وراء، بل تحث لجنة تفكيك النظام السابق على التسريع بالعملية، بينما تقف مجموعة ممن يسمون ب (نجوم المجتمع) ضد قرارات اللجنة التي نراها متساهلة جداً حتى هذا اليوم في تطهير البلد من الأدران.. ويا لها من مفارقة عجيبة.. لكنها علي الصعيد الشخصي لا تدهشني، فكثيراً ما عاتبت شعبي على منحه النجومية لمن لايستحقونها.. وها نحن كشعب نحصد الثمار المتخثرة لما زرعناه بأيدينا، وعلينا أن نتحمل نتائج أخطائنا، وأن نسعى لتصحيح هذه الأخطاء.. كل مطرب أو مطربة لم تقف مع ثورتنا يفترض أن نتجاوزه/ا.. وكل صحفي مارس التضليل وتماهى مع المفسدين وجلس في حضرة رأس الفساد (الساقط) البشير مثل تلميذ يستمع لتوجيهات ناظر المدرسة يفترض أن نقول له (انطم) وأستحِ على وجهك.. لم أستغرب لكتابات بعض الأرزقية والمتكسبين الذين استمرأوا عبادة الأفراد.. ومن يرى أن قناة النيل الأزرق لن تنجح بدون (فريد زمانه) (جنرالهم) حسن فهو يقدح في الرجل لا العكس كما توهموا، لكن ماذا نقول في الغباء والجهل الذي ظل يُنشر على صفحات جرائدنا منذ سنوات طويلة.. فالمدير الناجح هو من ينتهج المؤسسية في إدارة شركته، حتى إذا غاب عضو فيها لم يتأثر الأداء، لا ذاك الذي يمسك بكل شيء ويتصرف في المؤسسة وكأنها كشك ليمون أو طبلية سجائر.. ” كان يودع ضيوفه حتى عرباتهم ويتكيء على عصاه لمتابعة التسجيل ويستقطب الإعلانات”، هذا كلام خائب وهو أحد أهم مُحفزات صناعة نمور الورق في بلدنا وهو ما دمر مؤسساتنا وجعل كل شيء فيها يخضع لأهواء الأفراد.. ما طالعناه اليوم في بعض الصفحات السياسية والفنية لم يختلف عما عودتنا عليه الصحف الرياضية من تمجيد لإفراد دمروا أنديتنا وأفرغوها من كل قيمها.. أتمنى أن يدرك الأستاذ فيصل أن ما سُودت به بعض صحف اليوم نتيجة طبيعية للتهاون مع من استحقوا حسماً ثورياً منذ البداية.. هذه فئة لا تنفع معها سوى (العين الحمراء).. وقد رأينا جميعاً كيف كانوا يتزلفون ويتسمرون كالحملان الوديعة حول المخلوع.. “الحرية لنا ولغيرنا” لا تعني إطلاقاً غض الطرف عن المفسدين وتركهم يسرحون ويمرحون هكذا دون رادع.. يعرف أصغر طفل سوداني أن معظم الصحف الحالية تأسست بأموال الشعب السوداني، أو في أحسن الفروض استفاد أصحابها من علاقاتهم المشبوهة، فما الذي يمنعكم من مراجعتها حتى يدخل كل فأر جحره!!. أختم بأكبر البراميل الفارغة، أعني شيخ الضلال عبد الحي الذي خرج على الناس بتغريدة قميئة لا تشبه رجال الدين والخطباء إطلاقاً.. عندما طالعت كلمات هذا الدعي قلت لنفسي يا سبحان الله، عبد الحي يتحدث عن السفه والعِتة، وهو الذي رافق كبير السفهاء وزين له كل فعل كريه ونال منه الأموال بإقرار الطاغية نفسه!. لو كنت يا عبد الحي رجلاً بحق وخطيباً يستحق أن نصغي له ونحترمه لأتخذت على الأقل موقفاً واحداً منذ لحظة سقوط سيدك البشير.. لكنك تقلبت بين المواقف كما يُقلب البيض في الزيت، وهذا لا يشبه رجال الدين في شيء.. أراك ما زلت على ضلالك القديم محاولاً توظيف آيات الذكر الحكيم لمصلحتك ومنفعة جماعتك الفاسدة، فتباً لكم جميعاً أيها (المقاطيع).. عواليق نخليها.