صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

عندما يتكلّم النقل

16

حاطب ليل

د. عبد اللطيف البوني

عندما يتكلّم النقل

‏‏‏‏
)1(
في إطار مُراقبتنا وتَشجيعنا وخَوفنا على التّوجُّه الاقتصادي للبلاد نحو القطاع الخاص كتبنا هنا في الأسبوع الماضي، مُنتقدين مُطالبة الغرفة القومية للشاحنات التابعة لاتحاد غرف النقل التابع لاتحاد أصحاب العمل بعدم الرجوع عن القرار القاضي بمنع المقطورات )الدبل بط(، عِلمَاً بأنّ ذات الغُرفة كانت قد وَقَفَت )ألفاً أحمر( ضد هذا القرار عندما أَصَرّ عليه الوزير مكاوي، وهَا هِي ذات الغُرفة تَستميت الآن في الدفاع عن القرار والذي قبلته يومذاك )كسر رقبة( وقد وصفت هذا بأنه نوعٌ من الجشع والوقوف مع المَصلحة الخَاصّة وعدم مُراعاة للمُواطن، وقلت إنّ مثل هذه التّصرُّفات هي التي تجلعنا لا نثق بالقطاع الخَاص ونَصفه بالأنانيّة، لا بل بالتّخلُّف عن القطاع الخاص في بعض أنحاء العالم، حَيث ظهرت لديه المسؤولية الاجتماعية وحُب النجاح على حساب الربح والذي منه.
)2(
لم يَعجب مَا كَتبت، القَائمين على الغُرفة القومية للشاحنات، واعتبروه تَجنياً عليهم، فَدَعُوني للاجتماع بقيادتهم التّنفيذيّة في مكاتبهم بشارع بيو يو كوان يوم الأربعاء الماضي، فقبلت الدعوة وجلست معهم جلسةً طويلةً وعَاصفةً، فلم يتركوا لي حَرفاً إلا وأوسعوه نَقداً وَدَافعوا عَن مَوقفهم وعن أهمية قطاعهم دِفَاعاً مُستميتاً.. ومن جانبي )يحردن بنات اللعوتة.. لو استكنت لهم(! فَدَافعت عن وجهة نَظري وهَاجمت بعض كلامهم في عِقر دَارهم.. ولكنّني أشهد لهم بأنّهم كانوا حرفيين، فلم يلعبوا على الأجسام إنّما على الكُرة، أي دافعوا عن موقفهم بلباقة واحترام، وأشهد لهم بأنّهم واعون بقضيتهم ومُجمل قضايا النقل في البلاد، لا بل مُدركون لمُجمل الحركة الاقتصاديّة في البلاد، ومُدركون بأنّ كل القطاعات الاقتصادية إذا لم تَعمل بتكاملٍ وتناغمٍ سَوف تَنهار جميعاً ويدفع الوطن الثمن.!
مُجمل القول.. إنّ اللقاء كَانَ مُثمراً ومُفيداً، لذلك يتوجّب عليّ شُكرهم لتعاملهم الرّاقي ووعيهم بدور الإعلام.
)3(
مازلت عند موقفي من أنّ المَقطورة )الدبل بط( سَتَعُود بالنفع على مُجمل حَركة الصادر والوارد وبالتالي لديها جَدوَاها الاقتصاديّة التي تَعود على المُواطن بالنفع.. ولكن النقاط التي أثارها أصحاب الشّاحنات جَديرةٌ بالتّوقُّف والعَقَبَات التي تنبأوا بها ليست مُتخيِّلة إنّما واقعيّة.
عليه في تقديري أنّه يتوجّب على مُتّخذ القرار أن يستمع إليهم ويقف على ما في جعبتهم من حججٍ، وكما نقول بالدّراجي )ياخد وَيدِّي( مَعهم وفي النِّهاية سَوف يَصل الجميع لما فيه خَير البلاد والعِباد طَالما أنّ هدف الجَميع المَصلحة العامّة، ولا سيما أنّنا في زمن اللغة فيه هي لغة الأرقام وكل الحقائق يُمكن الوصول إليها بمعايير مَوضوعية، فالحكاية ليس طَق حنك أو استهبال، إنّما حساب والحساب ولد.. فقرار مكاوي الذي أصبح قانوناً كان كسر رقبة، فالرجوع عنه يجب ألا يكون كذلك، لأنّ هذه البلاد سئمت من القرارات التّعسفية الفوقية التي دَوماً ما تُورد البلاد والعباد مَورد التّهلكة..!

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد