صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

عمره 194 عاما.. حكاية القصر الرئاسي السوداني القديم بعد اندلاع الحريق

26


بعد أن تناقلت وسائل إعلام مساء السبت، معلومات عن اندلاع حريق داخل القصر الرئاسي القديم بوسط العاصمة السودانية الخرطوم، خرج التليفزيون السوداني ليعلن أن الحريق نتج عن ماس كهربائي، بحسب الأمين العام لرئاسة الجمهورية، الذي أعلن أن قوات الدفاع المدنى سيطرت على حريق محدود نتيجة التماس كهربائى في الطابق العلوي من القصر الجمهورى القديم وهو غير مشغول.
القصر الرئاسي القديم يعود تاريخه إلى ما يقرب من قرنين، ففي عام 1825، وضع الحكمدار محو بك أُورفلى، حاكم السودان، أول بناء للقصر من الطين اللبن على شكل مستطيل خصصه كمقر لإدارة حكم السودان وسكنا له وكان يطلق عليه “سراي الحكمدارية” سنة، ويقع على الضفة الجنوبية للنيل الأزرق.
وفى عهد الحكمدار على خورشيد باشا، أدخلت بعض الإضافات والتحسينات على مبنى قصر سراي الحكمدارية، واكتمل عام 1834، وفي سنة 1851، هدم الحكمدار عبداللطيف باشا عبدالله القصر الطيني، وأعاد تشييده م مستعينا بالطوب الآجر المنقول من بقايا خرائب مدينة “سوبا” الأثرية.
وتكزنت السراي الجديدة من طابقين، وبه جناح للزوار وجناح خاص بالنساء وتحيط به حدائق بها أنواع مختلفة من الأشجار كالنخيل والعنب، وظل قصر الحكمدارية مقرا للحكمدار حتى قيام الثورة المهدية.
ومع بداية حكم دولة المهدية عام 1885، التي قضت على آخر الحكمداريين شارلس غوردون على سلالم قصر الحكمدارية فى 26 يناير 1885، هدم مبنى قصر الحكمدارية وهجرت مدينة الخرطوم وتحولت العاصمة إلى مدينة أم درمان، ولم يعد “قصر الحكمدارية” هو قصر الحاكم.
بعد الاحتلال الإنجليزي للسودان عام 1898، أُعيد بناء الخرطوم مرة أخرى، وعادت عاصمة للسودان، وقام هيربرت كتشنر باشا أول حاكم عام للسودان باعادة بناء القصر للمرة الثالثة سنة 1899 على الأساس الحجري لقصر الحكمدارية المهدوم، وفى عام 1900، أقام فيه الحاكم العام الثاني، سير ريجنالد وونجيت حتى اكتملت بقية المخطط العام لمنشآت القصر وملحقاته عام 1906.
تكون القصر بعد إعادة تشييده، من طابق أرضى وطابقين علويين وله ثلاث أجنحة، أحدهم رئيسى يقابل النيل الأزرق ويمتد الي الناحية الشرقية والغربية، وجناحان بالجهتين اليمنى واليسرى، ويمتدان من الجناح الرئيسى الى جهة الجنوب، وتبلغ مساحته 74000 متر مربع.
في الأول من يناير عام 1956، نال السودان استقلاله عن بريطانيا، ورفع علم السودان فوق سارية مبنى القصر، وظل المقر الرسمى لرئاسة جمهورية السودان، وأصبح يعرف باسم القصر الجمهوري، وبه مكاتب أعضاء مجلس السيادة وإدارات رئاسة الجمهورية.
لاحقًا، خصص القصر كمقر لرئيس الجمهورية ونوابه ومساعديه ومستشاريه بعد إلغاء نظام المجلس الرئاسى الخماسى “مجلس السيادة”، كما خصص الطابق الثانى كمضيفة رسمية للضيوف من الملوك والرؤساء عند زيارتهم للسودان حتى 1974 بجوار أماكن أخرى خارج القصر استخدمت كمقار للضيافة.
ويعتبر الرئيس السوداني السابق، الفريق إبراهيم عبود، الوحيد من رؤساء السودان فى العهد الوطني الذى سكن داخل القصر الجمهوري، حيث شيد مقرا لسكنه فى الجزء الجنوبى الغربى من القصر الجمهورى سنة 1960.
وفي 1972 أطلق عليه الرئيس النميري “قصر الشعب” عقب فشل انقلاب الرائد هاشم العطا ضده، ثم عاد له اسم القصر الجمهوري بعد الانتفاضة الشعبية التي أطاحت بنظام النميري في أبريل 1985، تعتبر سارية القصر الثلاثية، ومتحف القصر، والسلم الذي قتل عليه غوردن أشهر معالم القصر القديم، حيث تحول إلى لوحة تجسد مصرع غوردن، رسمها التشكيلي الأيرلندي جورج ويليام وهي موجودة في متحف مدينة “ليدز البريطانية”.
ويشكل القصر الجمهوري رمزا سياسيا في السودان، حيث حملت الطوابع البريدية والعملات الورقية صورته، ويطلق اسمه على الشارع الرئيسي المؤدي إليه من جهة الجنوب والذي كان يعرف سابقا باسم شارع فيكتوريا، ويعتبرمن المعالم المعمارية الرئيسية في الخرطوم.
وظل القصر الجمهوري القديم مقرًا للحكم في السودان حتى عام 2015، حين افتتح الرئيس السوداني عمر البشير، القصر الرئاسي الجديد على مقربة منه، والذي بني بمنحة صينية تم الاتفاق عليها عام 2007.

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد