* هل يوجد شارع رئيسي في العاصمة يخلو من المتسولين؟
* هل تحفل حكومة ولاية الخرطوم بالآلاف الذين يمدون أياديهم للمارة والسائقين ليل نهار، في كل أرجاء الولاية؟
* كتبنا عن تلك الظاهرة المؤلمة مراراً، وناشدنا سلطات العاصمة والجهات المختصة باتخاذ إجراءاتٍ ناجعة، تستهدف تقليص عدد المتسولين والمتشردين في الشوارع، وتوفير الرعاية لهم، والاجتهاد لإيوائهم، وإبعاد الأجانب الذين يمارسون التسول في عاصمة بلادنا بلا حسيب ولا رقيب، لكن صرخاتنا المتتالية، ودعواتنا المتصلة اصطدمت بتجاهلٍ مريع، وإهمالٍ فظيعٍ، للظاهرة التي سوَّدت وجه الخرطوم، وشوهت صورتها، ودمغت حكومتها بالتقصير.
* الأكثر إيلاماً في الأمر أن غالب المتسولين أجانب، يمارسون نشاطهم في أهم وأكبر شوارع الخرطوم، دون أن يخشوا مساءلةً أو إبعاداً، ومنهم أطفال، وأمهات يستخدمهن أطفالهن الرُّضَّع في استجداء الآخرين، حتى مطلع الفجر، من دون أن يستفز ذلك الوضع الموجع، والمسيء للسودان أياً من حكام ومسؤولي كبرى ولايات السودان.
* أمس نشرت )اليوم التالي( تحقيقاً متميزاً، أعدته الزميلة نعمات العطا، التي قلَّبت دفاتر ظاهرة التشرد المستشرية في العاصمة، وذكرت أن عدد المتشردين في ولاية الخرطوم يفوق الألفين، وأن غالبيتهم يكسبون رزقهم من التسول، ويقضون لياليهم في العراء.
* العدد المذكور قليل جداً، ولا يعبر عن حقيقة جيوش المتشردين التي تتحرك على هواها في قلب الخرطوم، ولا تُحظى بمن يهتم بها، ويجهد نفسه في مناهضتها، أو تقديم العون اللازم لها.
* العدد الحقيقي أكبر من المعلن بكثير، ولو قيل لنا أن الألفين الواردة في التحقيق موجودة في قلب الخرطوم فقط لما صدقنا، بسبب كثافة انتشار المتشردين والمتسولين في منطقة السوق العربي، ومواقف المواصلات المحيطة بها، من لدن كركر وحتى شروني وإستاد الخرطوم.
* المصيبة الأكبر تتمثل في وجود عدد غير قليل من فاقدي العقل بين الفئة المذكورة، ممن يهيمون على وجوههم في الشوارع، ويتجولون في قلب الخرطوم، ليشكِّل بعضهم خطراً داهماً على الآخرين، من دون أن يتم التعامل معهم أمنياً، أو تثير كثرتهم اهتمام الجهات المسؤولة عن الرعاية الاجتماعية في الولاية.
* استخدام الأطفال في التسول يتم بانتظام، إذ كثيراً ما نشهد أمهاتٍ يحملن أطفالهن ويجُلن بين السيارات، يسألن الناس إلحافاً، بينما ينشط مئات، وربما آلاف الأطفال في التسول بمسح زجاج السيارات أثناء توقفها في التقاطعات، واستجداء السائقين مالاً يساعد على اقتناء بعض الطعام.
* يستحيل أن يوقف أي سائق سيارته في أي إشارة مرورية من دون أن يطرق زجاجه متسول، أو يعتلي مقدمة عربته طفل يتطوع بمسح الزجاج، قبل أن يمد يده إلى فمه طالباً المساعدة.
* من لهؤلاء؟
* ما هي الجهات المسؤولة عن مكافحة تلك الظواهر، التي تشوه صورة السودان في عين كل زائرٍ، يأتينا من الخارج، ويتوهم أن أهل السودان بلا كرامة، وأن انتشار آلاف المتسولين في شوارعهم لا يلفت أنظارهم، ولا يستدعي من حكومتهم أن تجهد نفسها لمعالجة ذلك الوضع المؤلم.
* ألا يزعج هذا الوضع الشاذ، بل والمستفز حكومة ولاية يتربع على قمتها رجل كان يعمل مديراً عاماً لقوات الشرطة في السودان؟