bbc / حظيت حركة الاحتجاج المستمرة في السودان، التي اندلعت بعد رفع الحكومة سعر الخبز والوقود وغيرها من المواد الاستهلاكية، باهتمام صحف عربية.
ويرى عدد من الكتاب أن الاحتجاجات المتواصلة “ثورة شعبية سودانية انتصرت على نظام الرئيس عمر البشير”، لكن آخرين يعتقدون أن ما يحتاجه السودان الآن هو “خطة متكاملة لإصلاح الاقتصاد”، و”تشجيع الاستثمار الأجنبي” في البلاد.
“مرحلة جديدة”
يقول عبد الوهاب الأفندي في العربي الجديد اللندنية: “لم يعد هناك شك كبير في أن الثورة الشعبية السودانية قد حققت انتصاراً حاسماً على نظام الرئيس عمر حسن البشير الذي لم يبد أي مقاومة سياسية، فقد اقتصر رد فعل النظام على العنف، وهو اعترافٌ بالهزيمة”.
غير أنه يشير إلى أن “خطاب الثورة ما زال بحاجةٍ إلى المحتوى الفكري الإيجابي”. ويقول: “نعم هناك شعاراتٌ ذات محتوى معقول، ولكن هناك غيابٌ لافتٌ للمحتوى الفكري الجاد”.
وتحت عنوان “سودانٌ جديد” في جريدةِ السوداني يقول عبد اللطيف البوني: “الحراك السياسي في بلادنا هذه الأيام، في شكل تظاهراتٍ تنادي بسقوط الحكومة ومكافحة هذه التظاهرات من جانب الحكومة سوف تُدخِل نتيجتها بلادنا في مرحلةٍ جديدة بغضِّ النَّظر عن بقاءِ الحكومةِ أو ذهابِها. هذه الأيام هي أيام تعليةِ السقف وعدم إبداءِ أيِّ تنازلات، لأن أيَّ تنازلٍ سوف يُفهَم على أنه انبطاح، ولكننا بصددِ إثبات أن البلادَ فعلاً دخلت مرحلةً جديدة”.
من جانبه، يقول فضيلي جماع في موقع سودانيل، إن هناك خصمان في الصراع الدائر منذ 19 ديسمبر/كانون الأول، هما الشعب السوداني من ناحية، و”دولة الإخوان المسلمين”. ويقول عن أنصار هذه الدولة: “كان متسقاً عندهم الإجهاز على التجربة السودانية الديمقراطية في 30 يونيو /حزيران عام 1989 تحت تبريرات فقه الضرورة، مبشرين بدولة ما أطلقوا عليه ̕المشروع الحضاري̔. ولأنّ أطروحة الأخوان المسلمين كما قلنا لا تعترف بالآخر المختلف ، فقد تخندق النظام وأنصاره منذ بداية هذه المعركة في جهة، وبقية الشعب السوداني كله في جهة أخرى – اللهم إلا من بعض الأرزقية وآكلي فتات الموائد”.
ويضيف: “الثورة العظيمة لا تقصي أحداً. إنّ ما يميز أهداف ثورة 19 ديسمبر هو أنها قامت لبناء وطن يسع الجميع. وفي هذا الإطار فإنّ أي سوداني ينضم لصفوف ثورة شعبنا سيجد من الشارع المنتفض كل الترحاب”.
“من المستفيد من هذه الفوضى؟”
من جهتها، تتساءل أم وضاح في جريدة المجهر السياسي “إلى أين نمضي؟”
وتقول: “أعتقد أنه آن الأوان أن نسأل من هم المستفيدون من هذه الفوضى العارمة أو محاولة صناعة فوضى عارمة بالإصرار على حالة احتجاجات أوصلت رسالتها مش للحكومة بس، ولكن للعالم أجمع أن هناك فعلاً أزمة اقتصادية وأزمة سياسية وأزمة فكرية، وللأسف أزمة أخلاقية”.
وتنتقد المحتجين قائلة: “على فكرة من يحركون هذه الاحتجاجات بالريموت كنترول وهم يجلسون في الخارج، أمورهم باسطة وعارفين أن الحكومة لن تسقط بهذه الطريقة، لأنهم يعلمون أن هذه الاحتجاجات ثمنها أنهار من الدم، لأنها للأسف احتجاجات عشوائية وغير منظمة، لا تحمل فكرة ولا هدفاً سياسياً محدداً”.
أما الهندي عز الدين، فيرى في الجريدة نفسها أنه “مع فشل موكب (رحيل النظام) المُعلن على شارع القصر نهار (الخميس) وصولاً إلى القصر الجمهوري، حانت ساعة إعلان السيد رئيس الجمهورية المشير ‘عمر البشير ‘ رمز سيادة البلاد وحافظ أمنها واستقرارها، مبادرة سياسية كبرى، بتفاصيل واضحة ومباشرة، مصحوبة بقرارات جمهورية بحل الحكومة الحالية، دون تردد أو إبطاء”.
ويتساءل عبد الله جمعة الحاج في الاتحاد الإماراتية: “من ينقذ السودان من محنه؟”، مشيراً إلى أن “المشكلة السودانية الكبرى هي المشكلة الاقتصادية التي تتسبب في جميع المشاكل الأخرى، بما في ذلك مشكلة التفكك”.
ويقول: “إن ما يحتاجه السودان وبشكل سريع جداً هو وجود خطة طموحة متكاملة لإصلاح الاقتصاد. ويمكن القول إجمالاً إنها يجب أن تستهدف هيكلة شاملة للاقتصاد، وتنظيماً للضرائب بشكل منصف للمواطن والدولة، وتشجيع الاستثمارات الأجنبية عن طريق مراجعة وإلغاء جميع القوانين والتشريعات التي تعيقها حالياً، ومحاربة الفساد الإداري والمالي، وتعديل المسارات لكي يمكن الحصول على الدعم من الدول المانحة، خاصة السعودية والإمارات والكويت، ومراجعة معوقات العلاقات مع دول الغرب، خاصة الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي، وبريطانيا”.