* كتبت كثيرا عن الفوضى التي يمارسها الكثيرون خاصة بعد سقوط النظام البائد وانبلاج فجر الحرية، اعتقادا منهم أن الحرية تعني الفوضى وانتهاك القانون والاعتداء على النظام وحرية الآخرين، في ظل غياب كامل لسلطات تنفيذ القانون وعلى رأسها الشرطة التي تتعامل بلين شديد مع منتهكي القانون وكأنها راضية عن ذلك، وهو ما ذكرته لمدير شرطة ولاية الخرطوم السابق الفريق (خالد بن الوليد) في حوار بمكتبه قبل أكثر من عام إمتد قرابة خمس ساعات حضره كل قادة الشرطة بالولاية!
* كانت إجابته انهم يُواجَهون بالهجوم الشديد في وسائل التواصل الاجتماعي والصحف عندما يطبقون القانون الأمر الذى جعل افراد الشرطة يتهيبون التعامل بحزم مع المخالفات خوفا من اتهامهم بانتهاك الحريات، ولكنني ضربت له مثالا بالشرطة الامريكية التي تتعامل بحزم شديد لدرجة العنف في تطبيق القانون، ولا يجرؤ أحد باتهامها بالاعتداء على الحريات إلا إذا كان الشرطي قد ارتكب فعلا ما يعتبرا انتهاكا للقانون او التطرف في استخدام السلطات الممنوحة له، وإذا حدث ذلك فهنالك الكثير من الآليات التي يمكن اللجوء إليها لمعاقبته، ولكنها لا تتهاون اطلاقا فى التعامل مع المخالفات خوفا من النقد او الاتهامات بانتهاك الحريات، وإلا فلا معنى ولا قيمة لوجودها والانفاق عليها!
* تناول احد الاخوة الانضباط الشديد الذى يتصف به السودانيون في الخارج والحرص على السلوك الصحيح، ونقيض ذلك في الداخل، متحدثا عن مشاهداته في بعض الدول قائلا:
*في الامارات التي يعاقب فيها القانون المواطنين الاجانب عند حدوث أي مشاجرة وتشابك بالأيدي بالإبعاد الفوري، لم ار ولم اسمع بمقيم أو زائر سوداني يرفع يده على زوجته او أي شخص، وحتى في مناسبات الزواج فإن السوداني يأخذ أقصى درجات الحذر ويتلف يمنة ويسرة قبل أن يهز بيده ويطرقع بأصابعه (يبشر) خوفا من الفهم الخاطئ له !
* وفي (اسمرا)، الناس بتقيف للمواصلات بالصف في محطة الأتوبيس، وطبعا نحنا في اول ايام بنكوندايرين (نتلب) بالشباك..وبعد كم يوم بنتعودونقيف في الصف بكل أدب !
* السوداني في أوروبا عندما يشعل سيجارة يقوم بإرجاع عود الكبريت الى علبة الكبريت، “والله يقدرك ترمي ليك قارورة وانت راكب معاهو، حيعاين ليك (شذرا) وممكن ينزلك”!
* وفي القاهره القريبة دي،كضاب سوداني يقضي حاجتو في الشارع العام، مش لو عندوسكري، لو شايل شركة سكر كنانة في جيبه !
* وهل يستطيع سوداني أن (يشاغل ) ليهو بت في السعودية ..دي فيها (سيف) عديييل وقطع رقاب وتموت (كافر) و يطلعوا ليك فتوى كمان .. وكان غلبه خلاص يعاين بي تحت النضارةالشمسيه (لمحه سريعه) .. كأنه الاحترام الله خلقهم ليهم براهم!
* اما عن قصص المروءة والشهامة والكرم (برة) لمن تقول سوداني الكلام كمل.. النطة في شلال أنقذ ليهو طفل،والاتبرع بكليتو لام صاحبو (الكفيل)، والدفع مرتبو كلو (ضكرنة) عشان يحل مشكله بين (يمني وباكستاني) زملاهو في الشغل..
والسودانيين الوحيدين برة البيساعدوا كبار السن عشان يعبروا الطريق أو يركبوا الأتوبيس وتصل لحدي يشيلو (طب العصب) لو استدعى الأمر!
* بس تجي تشوف السودان تدي ربك العجب .. افلام آكشن يومية ومشاهدة مجانية بتقنية عالية الوضوح وحوار يتسم (بأبغض) الكلمات والتي تصل حد (الأم والاب)، وكمية من التحرش بالبنات ما عادية، في الشارع في المواصلات في الشغل في المدرسة في الجامعة حاجة فاتت الحد، والحافلات سبق وفوضى في الشوارع، والمدن عباره عن (قصريه كبيره) تُقضي فيها كل الحوائج، والاكل في الواطة، والزبالة الكلام فيها دايرليهو كتب.. وعربات الزبالة بتشيل الزبالة عشان تشتتها في الشارع، يعني شالت الزبالة من نقطة ووزعتها على عدة نقاط، تشوف الناس في صف البنزين تحلف تقول ما فينا حرف من كرم أو مروءة..وجشع وأنانية وغرور وسماجة .. وغيره وغيره!
* باختصار، السوداني برة ادب واخلاق واحترام .. وجوة يبرطع على كيفو .. ملاك في الخارج وشيطان في الداخل، هل هو خوف من القانون في الخارج أم غياب القانون في الداخل، أم انه يعتبر نفسه (سيد بلد) في الداخل ويحق له التصرف بما يحلو، رغم أن (سيد البلد) يجب أن يكون أحرص الناس على التصرف الصحيح والانضباط، حرصا على نفسه ومواطنيه وبلده، أم انه انفصام شخصية، أم ماذا هو؟!