* بعيداً عن آثار موقعة ذات التلفاز، التي انشغلت فيها البلاد من أدناها إلى أقصاها بتحديد مصير المدير السابق للتلفزيون، وعدم قدرة وزير الإعلام الجديد على استبداله بآخر، إلا مروراً بخُرم إبرة حمودك، نذكر أن الزميل الأستاذ فيصل محمد صالح، وزير الإعلام جانبه التوفيق في اتهامه لوسائل الإعلام بإخراج حديث رئيس الوزراء عن سياقه، في ما يتعلق بشكوى حمدوك من عدم مبادرة قوى الحرية والتغيير بتسليمه برنامج المرحلة الانتقالية، سيما في الملف الاقتصادي.
* مخارجة المسؤولين من تبعات تصريحاتهم، أو محاولة تغيير وجهتها لإبعادها عن معانيها الأصلية ممارسة غير راشدة، كانت معتادة في العهد البائد، ولم نتوقع أن تستمر في عهد الثورة.
* كم من وزيرٍ تجرأ على انتقاد حكومته، أو )جلط( في تصريحاته ووجد من يحوِّرها له، ويحرِّف مقاصدها، بإلقاء تبعاتها على وسائل الإعلام، واتهامها بأنها أخرجت الحديث عن سياقه.
* قال حمدوك بالحرف الواحد: )اتكلمنا مع إخوانا في الحرية والتغيير من أول يوم.. وقلنا ليهم يا جماعة أدونا برنامجكم الإسعافي للسنة وللتلاتة سنين عشان يكون برنامج الحكومة.. أنا ما عايز ألوم زول، لكن لسه لحدي اللحظة الأنا بتكلم فيها دي ما استلمنا، أمس أنا كنت في اجتماع مع المجلس المركزي وقلت ليهم يا جماعة أدونا البرنامج عشان ما نمشي نفصل برنامج يقولوا لينا ده حقكم براكم(.
* حديث واضح لا لبس فيه، ولا يحتاج إلى شرحٍ، ولا يحتمل التأويل، ولا يمكن حتى للمترصد المغرض أن يحوِّره مهما اجتهد في تحريفه، أخرجه وزير الإعلام عن سياقه، ثم رمى وزر تحريفه على وسائل الإعلام.
* شكا رئيس الوزراء من غياب البرنامج، وأشار إلى أنه اضطر إلى تقسيم وزرائه إلى ثلاثة قطاعات )إدارة وتنمية اقتصادية وخدمات(، كي ينجزوا الملفات المعروضة أمامهم، ويسيروا أعمالهم ببرنامج فهمنا من حديثه أنه وقتي، انتظاراً للبرنامج الشامل الذي تضعه الحاضنة السياسية التي أتت بالحكومة الانتقالية، لأن الأولويات لا يمكن أن تظل معلقة في الهواء، كما قال حمدوك.
* ولأن رئيس الوزراء لا يستطيع أن يجمِّد حكومته في محطة )قنِّب( المفضلة لقوى الحرية والتغيير فقد بادر بتحديد أولوليات حكومته باجتهاده، ووجه وزراءه بإنجاز الملفات التي لا تحتمل الانتظار.
* الحقيقة التي لا يستطيع الأخ فيصل إنكارها تشير إلى أن قوى الحرية والتغيير تتعامل بسلحفائية مقيتة مع العديد من الملفات المهمة، وأنها لم تعلن الكيفية التي ستدير بها فترة انتقالية تمتد ثلاث سنوات، بل إنها لم تفلح حتى في استكمال مجلس وزرائها حتى اللحظة.
* وزارة البنى التحتية تنتظر وزيراً من شرق السودان، ولا يزال البحث عنه جارياً بلا جدوى حتى اللحظة، وحقيبة وزارة الثروة الحيوانية شاغرة تنتظر أن يشغلها وزير من النيل الأزرق، لم يتم العثور عليه بعد، ووزراء الدولة الستة في قائمة الترقب وانتظار المستحيل.
* )المَهَلة( شملت الوثيقة الدستورية التي تحكم الفترة الانتقالية كلها، وقد استهلكت إجازتها ونشرها في الغازيتة الرسمية قرابة الشهرين، ظللنا محكومين فيها بوثيقة سرية، لا يعلم تفاصيلها ولا ملابسات تعديلها حتى بعض قادة الحرية والتغيير.
* هذا الإيقاع السلحفائي القميئ يحتاج تغييراً سريعاً من قوى )التغيير(، لأن بلادنا لا تمتلك فائضاً من الوقت كي تهدره في المزيد من الانتظار والتلكؤ ومحاولات تبرير إخفاقات قوى الثورة برميها على عاتق الإعلام.