صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

(زيرو فساد)..هل أصيبت بالعدوى

10

 

 

 

 

“نريد أن نصطاد الهدف بسرعة، وأتعهد أمام الشعب بأن لا تصل أي قضية قمنا بفتحها للمحكمة، لدينا تكتيك بأن تنتهي بسرعة أمام النيابة”. هكذا أجاب نادر العبيد رئيس منظمة (زيرو فساد) على مذيعة قناة “سودانية 24” في محاولة لطمأنتها بقدرتهم على سرعة حسم قضايا الفساد واسترداد  الأموال، ودون أن يدري أثار مخاوف الكثيرين حول أداء المنظمة في التصدي لقضايا الفساد التي أقعدت بالاقتصاد السوداني وبدأت حملة واسعة تشكك في نزاهة العبيد نفسه، مما جعل المنظمة تصاب بعدوى الفايروس الذي تحاربه.

(زيرو فساد).. منبر مؤجل وخلافات مستعرة

أعلن منبر وكالة السودان للأنباء، تأجيل فعاليته التي من المقرر أن تستضيف منظومة (زيرو فساد) لظرف طارئ دون أن تتم الإشارة لأي أسباب، فيما لم يتم إبلاغ المنظمة بالتأجيل الذي ظهر في موقع الوكالة الرسمي.
تزامن ذلك مع حملة واسعة في السويشال ميديا ضد المنظمة وضد العضو المؤسس نادر العبيد الذي يتم تقديمه في المنابر الإعلامية بوصفه رئيس المنظمة.
وتوالت الاتهامات على العبيد من لدن اتهامه بالانتماء للنظام السابق وصولا لاتهامات بفساد مالي واحتيال، فيما اكتفت المنظمة بالصمت ولم يصدر تصريح رسمي منها، إلا أن التسريبات تشير إلى أنها ستدعو للتمييز بين عضوية المنظمة وعضويتها مع الدعوة لمن أطلقوا الاتهامات لتحريك إجراءات ضد العبيد أو أي عضو آخر ليكون القضاء هو الفيصل.
الناشط ود قلبا قال في تغريدة: “حتى الأمس كل ما كنت أملكه شكوك حول (زيرو فساد).. الآن وبملء فيَّ أقول: (“زيرو فساد” رجسٌ من صنع الكيزان والمحتالين.. فحاربوه)، وأحملهم مسؤولية اختفاء الأدلة التي بطرفهم وأتحمل مسؤولية قولي، يفصل بيننا القانون، فليذهبوا لنياباتهم لو كانوا يجرؤون”.
في مقابل ذلك امتنع أعضاء المنظمة عن الإدلاء بأي تصريح، غير أن مصادر عليمة بملف المنظمة قالت إن النظام السابق يعتزم تصفية المنظمة بعد أن بدات في تحريك إجراءات ضد قياداته ورموزه خاصة بعد توقيف مسؤول سابق بالقصر الجمهوري استلزم الإفراج عنه تقديم ضمانة تتضمن 142 شهادة بحث لعقارات وهو ما يستدعي تحريك بلاغ جديد.
ويلفت ذات المصدر – الذي فضل حجب اسمه – إلى أن كل الاتهامات التي وُجِّهَتْ إلى العبيد يجب أن يُدافِع عنها بنفسه أو أن تُحال للقضاء للبت فيها؛ أما فيما يلي أهداف المنظمة فهي واضحة ولا يمكن أن يزايد عليها أحد، لافتا إلى أن المقابلة التي أجراها العبيد كانت قبل 10 أيام شهدت وقوعه في خطأ قانوني تم استخدامه عبر تقنية المونتاج باحترافية عالية للهجوم على المنظمة ومحاولة تصفيتها.
المنظمة الوليدة اكتسبت شهرة واسعة خلال فترة قصيرة بعد أن أعلنت عن تحريك أكثر من 200 دعوى جنائية بحق رموز النظام البائد بتهم فساد مختلفة كما نجحت في استصدار أكثر من 30 أمر قبض، لتنجح في خلق شعبية كبيرة وتوفقت في خلق تفاعل شعبي في دفع قضايا الفساد، إلا أن غياب المؤسسية أضر بصورة المنظمة خاصة بعد أن برز عدد من عضويتها وكل واحد منهم يدعي أو يقدم بوصفه رئيسها.
وتدافع المنظمة عن برامجها وشرعيتها وتلفت إلى أنها أكملت تسجيلها قبل أسبوعين، وأن البعض سعى للتشويش عليها وادعاء عدم التسجيل وعدم تحريك الإجراءات الجنائية وهذا غير صحيح.
وضرب ناشطو (زيرو فساد) سياجاً من السرية حول الخلافات بداخلها ومحاولة لملمتها وعدم إخراجها للإعلام، بيد أن مصدراً نافذاً بـ”زيرو فساد”، أرجع الخلافات لسيطرة مجموعة محددة على المنظمة؛ إلا أن تسريبات أرجعت الأمر لعدم التنظيم حيث العمل أفقياً دون وجود هياكل واضحة، مع وجود شخصيات معينة تقوم باتخاذ مناصب وتتحدث باسمها. وقالت المصادر إن المثنى أبوعيسى ليس رئيساً للمنظمة ومع ذلك يتم تقديمه كرئيس لـ”زيرو فساد”. وقد أدت تصريحات نادر العبيد في قناة سودانية 24 لتصاعد الموقف، مما دفع بعض الأعضاء للدفع باستقالاتهم بعد فشلهم في إقناع العبيد بالاستقالة أو هيكلة المنظمة.

سيف الدولة حمدنا الله: نهاية فصول “زيرو فساد“
سيف الدولة حمدنا الله يقول “إن المنظمة في اجتماع طارئ جددت الثقة في الأمين العام الذي كان قد أكد تعهده بإنهاء قضايا الفساد أمام النيابة العامة وبدون محاكمات، وهكذا اختار المجتمعون التضحية بالمنظمة في سبيل عدم التضحية بشخص واحد تأكد للرأي العام بكل السبل أنه مصدر التشكيك في المنظمة وأنه عقبة أمام مستقبل واعد كنا ننتظره من ورائها”.
ويضيف: “وبهذا يكون هذا القرار آخر فصول صلتي بالمنظمة من حيث دعمها وتأييدها”.
وأبدى حمدنا الله بعض الملاحظات حول أداء (زيرو فساد) في وقت سابق، وقال في بوست على الفيسبوك: “أرجعت ذلك إلى ضعف خبرة الشباب القائمين على أمرها، وقد تواصلت معهم لتصحيحها”. ويضيف حمدنا الله أنه تابع الحملات التي تُشكِّك حول خلفية المنظمة من أساسها، ومرجع هذه الهجمة يعود لمعرفة أشخاص كثيرين من أصحاب الرسائل والتغريدات بأحد قادة العمل في المنظمة، ومن بينهم زملاء وأقارب وأصدقاء ذكروا معلومات تفصيلية حول انتمائه للنظام البائد، علاوة على أشياء أخرى تصلح للطعن فيه في حال ثبوت صحتها.

الجهل سبب النيران على المنظمة
ويلفت حمدنا الله إلى أن ما ساعد على إشعال النار على المنظمة، أن هذا الشخص كان قد ظهر بالصوت والصورة في لقاء تلفزيوني، وذكر بثقة وافتخار شديدين أنه يعِد الشعب السوداني أن كل البلاغات التي قدمتها المنظمة سوف تنتهي عند النيابة وقبل المحاكمة، مضيفا: “إن مصدر فخر الرجل بهذه العبارة يرجع للجهل لا لسوء النية، ذلك أنه ومن واقع السياق الذي ذُكِرت فيه العبارة، كان المسكين يعتقد أن الشعب سوف يُهلِّل لمنظمته كونها سوف تُعيد الأموال المنهوبة في بحر أسابيع من فتح البلاغات أمام النيابة، وباختصاره للزمن الطويل الذي تستغرقه المحاكمات”.
حمدنا الله يشرح حديثه ويلفت إلى أن وجه الجهل في هذا التصريح، أنه وبحسب القانون، يكون الطريق سالكاً أمام الشخص الطبيعي أو المعنوي (مثل المنظمة) في فتح بلاغات الفساد وقضايا الحق العام، ولكن بمجرد فتح البلاغ تنفصل علاقة المُبلِّغ بالقضية، وتتولّى أمرها السلطات العامة وحدها (الشرطة والنيابة) ولا يكون للمُبلّغ سلطان يُتيح له التنازل عن القضية أو التصالح حولها.
ولا يتفق حمدنا الله مع الأصوات التي تُنادي بقبر منظمة “زيرو فساد” وتشوينها، ويقول: “نجح هؤلاء الشباب فيما عجزت عنه سلطات الدولة الرسمية في فتح البلاغات ضد مفسدين ومجرمين، واستصدرت المنظمة أوامر ما كانت تصدر لولا جهود القائمين عليها بحظر سفر مسؤولين في النظام المخلوع ومنعهم من السفر. والصحيح أن يجري العمل على دعم ومعاونة هؤلاء الشباب للمضي في هذا العمل العظيم، ويحتاج ذلك إلى تطوع أكبر عدد من المحامين والمستشارين الكبار وذوي الخبرة للوقوف معهم”.
مضيفا: “كما أن واجب المنظمة أن تقوم بالتحقق والتثبُّت من خلفيات منتسبيها قبل قبولهم في صفوفها، وإبعاد المشكوك في ارتباطهم بالنظام المخلوع، كما أن عليها أن تُعلِن عن أسماء مجلس الإدارة والمديرين الذين يتحملون المسؤولية القانونية والأخلاقية عن أعمال المنظمة، ونشر أرقام هواتف الاتصال على الصحف ومواقع التواصل المقروءة”.

مكافحة الفساد.. اللاءات الثلاثة
تقول مؤسسة الشفافية الدولية في أحدث تقرير إن السودان يعاني من أسوأ مظاهر الفساد في العالم ويحتل المرتبة رقم 172، مؤكدة أن الفساد يحول من تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية.
إن المستوى العالي للفساد في السودان يدل على عدم فاعلية منظومة المحاسبة لهذه الجرائم خلال العقود الماضية وفي إطار الإصلاحات لا بد من تشديد العقوبات لمثل هذه الجرائم، كما يجب تشكيل مفوضية مستقلة لمكافحة الفساد، كما يجب تعزيز دور الإعلام وقدرته على الوصول للمعلومات.
رئيس منظمة الشفافية السودانية الطيب مختار يشير إلى أنهم في مكافحة الفساد لا يعملون على برامج (النداء الفردي) ويتبعون منهجية عمل مختلفة تعرف بـ(البرنامج المنهجي). ويشرح مختار حديثه ويقول إن التعامل مع قضايا الأفراد منهج ويقود لقضايا وتعقيدات لا حصر لها قد تقود للتشويش على عمل المنظمة لذلك هم يركزون حسبما تدعو منظمة الشفافية العالمية على السياسات العامة وأداء المؤسسات عبر مراجعة السياسات والقوانين والدعوة لتكوين مفوضية مستقلة للفساد تشريع قوانين لحماية المبلغين وتفعيل قانون الحصول على المعلومات والتأكيد على استقلالية القضاء وعدم تسييسه واستقلالية أجهزة الرقابة.

استراتيجية محاربة الفساد
خلاصة القول يجب أن تتخلق استراتيجيات واسعة لمحاربة الفساد لا تتوقف عند توقيع العقوبات على المفسدين، بل يجب أن تسير على عدة محاور يكمل بعضها بعضاً أبرزها تعديل قوانين العقوبات والتشريعات الوطنية لتغليظ العقوبات على المتهمين بالفساد، ثانيها مطاردة المسؤولين الفاسدين الهاربين بأموالهم إلى الخارج ومعاقبتهمٕ وإعادة تلك الأموال، وثالثها استمرار التعاون مع دول العالم لمكافحة الفساد، من خلال بناء شبكة عالمية لذلك.
ولتهيئة القنوات المناسبة للمشاركة العامة في الحملة لا بد من عمل قيمي لازدراء الفساد وخلق تشريعات تحمي المبلغين عن الفساد كما يمكن إطلاق تطبيقات للهواتف المحمولة للتبليغ ولمتابعة تحقيقات مكافحة الفساد، صحيح أن تلك الترتيبات ستسغرق وقتا إلا أنه في النهاية يجب أن تأتي في سياق استراتجيات تجعل المسؤولين “لا يستطيعون ولا يجرؤون ولا يرغبون في ممارسة الفساد”.

صحيفة السوداني

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد