الأخ الصديق أيمن حدثني أنه وعقب أزمة البنزين الأخيرة، لجأ الى إيقاف عربته الخاصة وعربة زوجته، وأصبحوا يتحركون جميعاً كأفراد أسرة بسيارة الأولاد والتي كانت مخصصة لنقلهم من والى المدرسة .
الشاهد في الأمر، أن أزمة الوقود الأخيرة ساهمت في تغيير ثقافة استعمال السيارة، وأصبح الكثير من المواطنين لا يتحركون إلا للضرورة او المشاوير المهمة.
في السابق كان يكفي أن يعلن المزاج لأحدهم ليقتحم خصوصية وقت عملك لمجرد أن يحتسي فنجان قهوة أو كوب شاي او يتجاذب حديثاً لا يسمن ولا يغني من جوع، فيعطلك ويعطل نفسه ويسبب زحاماً في الشارع ويستهلك وقوداً كل ذلك لا لشيء، إلا لفارغة ومقدودة .
الآن وبشكل واضح انخفض الازدحام في شوارع وسط الخرطوم الى أكثر من النصف ، الازدحام لم ينخفض في شوارع وسط الخرطوم فقط، بل حتى في الأحياء الطرفية، لأول مرة ومنذ شهور تصبح الحركة سلسلة جداً في شوارع البلدية والقصر والجمهورية والجامعة والسيد عبد الرحمن .
حتى أن كوبري المك نمر الذي كان ينتاب المرء إحساس بأنه سينهار تحت وطأة الازدحام خلا يوم أمس إلا من حركة محدودة جداً من السيارات، واذا استصحبنا الذين يغلقون الشارع إما بإيقاف خطأ او عكس الاتجاه او غلق إشارة، فإن الحركة كان يمكن أن تكون أفضل مماهي عليه.
إن أزمة البنزين الأخيرة ينبغي أن تفتح عيون المواطنين حول جدوى الحركة الكثيرة غير المبررة والتي تستهلك في البدء طاقة المواطن وسيارته والوقود والشوارع، كما تكون خصماً على قدرته الإنتاجية وتحريك عجلة الاقتصاد.
الآن ومع الأزمة الأخيرة والسعر التجاري للوقود سيفكر الكثيرون قبل إدارة مفاتيح سياراتهم .
سيتساءلون الى أين أنا ذاهب وما الفائدة التي سأجنيها وتعود عليَّ من وراء هذا المشوار، وهل من الممكن أن أستعيض عن هذا المشوار بمكالمة هاتفية وعن ذاك بأيميل وعن الآخر بإرسال فاتورة او تصميم او مستند عبر الواتس اب
خارج السور
قبل أن تكون ثورة وعي ومفاهيم، فإنها ثورة لتغيير السلوك السوداني.. زمن الجرجرة والونسة وكسير الزمن انتهى!!..