الحمدُ للهِ وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدهُ لا شريك لهُ، ولا ربَّ سواهُ، وأشهدُ أن محمدًا عبدُ اللهِ ورسولهُ، المصطفى المختارِ
أمَّا بعدُ :
فاتقوا اللهَ عبادَ اللهِ، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ)، واعلموا أن الكذب عملٌ مرذول، وصفةٌ مقِيتة، وخِصلةٌ من خصال أهل النفاق ذميمة لأن الكذب كما قال المصطفى -صلى الله عليه وسلم-: “يهدي إلى الفجور، والفجور يهدي إلى النار”، فالكذب مجمع الشَّرور، وأُسُّ الرَذَائِلِ، ومطية النار -والعياذً بالله-.
وفي الصحيحين أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال: “وإياكم والكذب؛ فإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، ولا يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يُكتب عند الله كذابًا”.
وقد حفلت آيات الكتاب العزيز بما يدل على التَّنفِيرِ مِنَ الكَذِبِ وإِعلاَنِ قُبْحِهِ، ويَكْفِي لِلدَّلاَلَةِ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ اللهَ -عَزَ وجَلَّ- وصَفَ بِهِ الكَافِرينَ فَقَالَ: (إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآياتِ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ) ، كَمَا وصَفَ بِهِ المُنَافِقِينَ فَقَالَ: (فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ)
تَقولُ عُائِشةُ -رضي الله عنها-: “ما كانَ خُلُقٌ أَبغَضَ إلى رسولِ اللهِ من الكَذِبِ، ولقد كان الرَّجلُ يُحدِثُ عندَ النَّبِيِّ الكِذْبَةَ فَمَا يَزَالُ في نَفْسِ النَّبيِّ عليه حتى يَعلمَ أنَّهُ قد أحْدَثَ مِنها تَوبَةً”.
ويَقُولُ الرَّسُولُ -صلى الله عليه وسلم-: “كَبُرَتْ خِيَانَةً أَنْ تُحدِّثَ أَخَاكَ حَدِيثًا هُوَ لَكَ مُصَدِّقٌ وأَنتَ لَهُ كَاذِبٌ”.
أيها الأحباب :
لقد انتشر الكذب في كثيرٍ من مجالس الناس ومنتدياتهم ، وعبر مواقع التواصل بينهم، حتى أصبحت هذه الصفة –للأسف- بضاعةً رائجة يتداولها الناس غير عالمين بخطورتها على دنياهم وآخرتهم .
أيها المسلمون:
أمَّا أعظمُ الكذب ؛ فهو الكذب على الله -تَعَالى- وعلى رسوله -صلى الله عليه وسلم-، ففي الصحيحين عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: “من كذب عليّ متعمدًا فليتبوأ مقعده من النار”، ومن أعظم الكذب أيضًا الكذب الذي يترتب عليه أخذ حقٍّ أو أكلُ مالٍ بالباطل كالكذب في البيع والشراء وقد إنتشر هذا النوع من الكذب هذه الأيام ، ففي صحيح مسلم قال -عليه الصلاة والسلام-: “ألا أُنَبِّئُكم بأكبر الكبائر؟ ثلاثًا: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وشهادة الزور وقول الزور”، وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مُتَّكِئًا، فجلَس، فما زال يُكرِّرها؛ حتى قلنا: ليتَه سَكَتَ”.
ومن أعظم الكذب كذلك ذلك الذي ينتشر بين الناس بكثرة فيؤثر عليهم، كالكذب في وسائل الإعلام وفي مواقع التواصل الإجتماعي ، وعن هذا النوع من الكذب حدِّث ولا حرج ، فهناك صحف و قنواتٌ ووكالات أنباء ومواقع أسفيرية ، تجارتها الكذب وقلب الحقائق ونشر الشائعات ، فويل لهؤلاء: (وَيْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ).
اللهم طهّر ألسنتنا من كل سوءٍ واحفظنا من كل زللٍ وتُبّ علينا من كل ذنبٍ يا أرحم الراحمين.. وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه إنه غفور رحيم .