الحمد لله وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً كثيراً .
عباد الله:
إن الشائعات هي من أخطر الأسلحة ومن أقوى وسائل التدمير المعنوي والمادي للأفراد والمجتمعات والشعوب ، والشائعة أيها الأحباب لا تنتشر في مجتمع إلا أضعفته، ولا في أمة من الأمم إلا مزقتها وفرقت أبنائها وقضت على مكتسباتها وهي قد أضحت تنتشر بين الناس ويتناقلوها بسرعة مذهلة خاصة بعد تطور وسائل الإتصال على الرغم من أن خطرها كبير وآثارها مدمرة لذلك وقف الإسلام منها موقف قوي وحاسم فحذر منها وبين آثارها وأمر بحفظ اللسان ونهى المسلم عن الكذب وقول الزور وحذر من الغيبة والنميمة والقيل والقال وأمر بالتثبت من الأقوال والأخبار وعدم التسرُّع بل أن الإسلام من أجل ذلك شرع الحدود التي تحفظ للإنسان دمه وماله وعرضه ورتب على ذلك كله بما أعده لعباده في الدار الآخرة من أجر وثواب أو من حساب وعقاب.. قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ}. و قال تعالى: {وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً} وهذه دعوة ربانية للتثبت والتحرز قبل نقل أي حديث أو معلومة فعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كفى بالمرء إثما أن يحدث بكل ما سمع»
وعن البراء بن عازب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الربا اثنان وسبعون باباً، أدناها مثل إتيان الرجل أُمّه، وإن أربى الربا استطالة الرجل في عرض أخيه» ، وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا معشر من أسلم بلسانه ولم يدخل الإيمان قلبه، لا تؤذوا المسلمين، ولا تعيروهم، ولا تتبعوا عوراتهم، فإن من اتبع عورة أخيه المسلم، تتبع الله عورته، ومن تتبع الله عورته يفضحه ولو في جوف رحله» .
أيها المؤمنون عباد الله:
الشائعات في المجتمع المسلم تعتبر سلاح المرجفين وسلوك المنافقين وهي حرب قديمة تعرض لها معظم الأنبياء وحتى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم تعرّض لحرب الشائعات في دينه وشخصه وعرضه؛ فقالوا عنه كاهن وشاعر وساحر ومجنون، وأشاعوا بين العرب هذه الأوصاف ليصدون الناس عن دين الله .
وهكذا في كل زمان ومكان تجد أن الشائعة واختلاق الأكاذيب ونقل الأخبار غير الصحيحة وتصوير الأمور على غير حقيقتها أصبح سلوك يتصف أصحابه بالضعف وخبث النفس وقلة الحياء وانعدام المروءة وخساسة الهمة ولؤم الطباع قال تعالى: {لَئِن لَّمْ يَنتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِييهَا إِلَّا قَلِيلاً . مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًا}
عباد الله:
إذا كانت الشائعة قديماً تنتشر وتأتي بمفعولها وتصل إلى أعداد من الناس بعد فترات طويلة وتتأثر بالبيئة والمكان وأعداد الناس الذين سمعوها وتناقلوها؛ فإن الشائعات اليوم تنتشر بسرعة فائقة مذهلة ويكون انتشارها على مدى واسع وفي وقتٍ قياسي وذلك بسبب الاتصالات الحديثة ومنصات التواصل الإجتماعي وكم من أخبارٍ كاذبةٍ ومعلوماتٍ خاطئة، واتهاماتٍ باطلة، وشائعاتٍ مغرضة تُنشَر في هذه الوسائل ومع ذلك تجد الكثير لا يتثبّت ولا يتأنّى بل يُشارك في نقلها على وجه السرعة وبثها لقوائم الإتصال التي لديه ولا يُدرِك أن ناقل الكذب والمروِّج له، سواءً عَلِمَ أو شكّ أنه كذب، أو أذاعه من دون تثبُّت ولا تمحيص هو أحد الكاذبين، لأنه ناشرٌ للإثم والظلم، وفي سنن أبي داود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «بِئْسَ مَطِيَّةُ الرَّجُلِ زَعَمُوا».
أيها المسلمون :
أيها المسلم أيتها المسلمة قبل أن تقوم بإرسال رسالة من هاتفك الجوال فضلاً تحقق من صحتها وتأكد أنها لا تؤذي فرداً أو جماعة ولا تنشر الفرقة والبغضاء بين أفراد المجتمع فإن في ذلك إثم كبير ، اللهم طهّر ألسنتنا من كل سوءٍ واحفظنا من كل زللٍ وتُبّ علينا من كل ذنبٍ يا أرحم الراحمين.. وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه إنه غفور رحيم .