صحيفة كورة سودانية الإلكترونية

خطبة الجمعة

21

ساخر سبيل – الفاتح جبرا

خطبة الجمعة

الحمدلله وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وصحبه أجمعين .

أيها المسلمون :

إن الخصومة بين الناس أمرٌ حادث لا محالة بينهم إلا من رحم ربي والأصل في الناس الا يختلفوا تلك الإختلافات الحادة التي تبعث الغل والحقد في القلوب إلا أنه بعد تطور المجتمعات وتشابك المصالح أصبح الخلاف والخصومات أمراً لا مناص منه.

ولأجل صفاء المجتمع مما يبعث الفرقة فيه جاءت الشريعة الغراء محذرة من الخصومة والنزاع والتجاوز فيهما والخروج عن الإطار المشروع لهما وهو طلب الحق؛ فمن يتجاوز ذلك فقد فجر في الخصومة والفجر هو الميل وتجاوز الحد والحق .

والفاجر في الخصومة هو من يعلم أن الحق ليس معه فيجادل بالباطل؛ وهو يخاصم بلا بينة ويعرف أن الحق عليه كما أنه يسبق لسانه عقله وطيشه حلمه وظلمه عدله، يتلذذ بالتهم والتطاول والخروج عن المقصود، كما أن الفاجر في الخصومة لا تنظر عينه إلا على المساوئ، فهي عين عداوة ولو أنها عين الرضا لاستحسن ما استقبح لكن كيف ذلك وهو لا يعد محاسن الناس إلا ذنوبا ..

عباد الله :

جاء في سنن أبي داود: عن ابن عمر -رضي الله تعالى عنهما-: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: “مَنْ خَاصَمَ في باطِلٍ وهو يعلمُه لم يزلْ في سخَطِ اللهِ حتَّى ينْزِع”.

ولذا فإن اللبيب العاقل ليس هو الذي يميز بين الخير والشر في الخصومة فحسب؛ لأن كثيراً من الناس يملك هذا التمييز، ولكن اللبيب حقاً هو من يميز في مثل هذه الأمور خيرَ الخيرين وشر الشرين، وما سقط إنسان في شر الخصومة إلا بسبب هذا الجهل .

أيها المسلمون :

لقد نهى الإسلام عن الفجر في الخصومة وجعلها علامة من علامات النفاق الخالص . عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَرْبَعٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا خَالِصًا وَمَنْ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْهُنَّ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْ النِّفَاقِ حَتَّى يَدَعَهَا إِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ وَإِذَا حَدَّثَ كَذَبَ وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ.

ولقد سمى الله في كتابه الكريم الفجر في الخصومة لدداً قال تعالى (مِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ) والألد الشديد اللدد أي الجدال، مشتق من اللديدين وهما صفحتا العنق، والمعنى أنه من أي جانب أخذ من الخصومة قوي. وعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( إِنَّ أَبْغَضَ الرِّجَالِ إِلَى اللَّهِ الْأَلَدُّ الْخَصِم)

والواجب على المسلم أن يتعلم فضيلة وخلق العفو والتسامح وأن لا يجعل الخصومة سبيلا إلى معاداة الناس ومحاولة الأذى لهم ؛ فإن ذلك ليس من أخلاق الكرام يقول الشاعر :

إن الكريم إذا تمكن من أذى ‍* * جاءته أخلاق الكرام فأقلعا

وترى اللئيم إذا تمكن من أذى * * يطغى فلا يبقي لصلح موضعا

اللهم آت نفوسنا تقواها، وزكها أنت خير من زكاها أنت وليها ومولاها. اللهم آمنا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك يارب العالمين.

(رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) ، سبحان ربنا رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

الجريدة

قد يعجبك أيضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبولقراءة المزيد