الحمد لله رب العالمين نحمده تعالى حمدا كثيرا لا نحمده أحدا سواه ونشكره شكرا لا نشكره أحدا غيرَه ونشهد أنه الله، دلنا على بعض مقومات الفلاح فقال عز من قائل: (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ). ونشهد أن سيدنا محمدا عبدُ الله ورسوله سُئِلَ عن أَكْثَرِ مَا يُدْخِلُ الْجَنَّةَ فَقَالَ التَّقْوَى وَحُسْنُ الْخُلُقِ وَسُئِلَ عن أَكْثَرِ مَا يُدْخِلُ النَّارَ فقَالَ الْأَجْوَفَانِ الْفَمُ وَالْفَرْجُ .
يقول الله تعالى في الآية 55 من سورة القصص (وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ لا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ) ، ويقول تعالى أيضاً في الآية 72 من سورة الفرقان : (وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا) وقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (إن من أحبكم إلي وأقربكم مني مجلساً يوم القيامة أحاسنكم أخلاقاً، وإن من أبغضكم إلي وأبعدكم مني مجلساً يوم القيامة الثرثارون والمتشدقون والمتفيقهون) ، يقول الترمذي رحمه الله تعالى: والثرثار: كثير الكلام، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله كره لكم قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال) ، وقال النبي صلوات الله وسلامه عليه كذلك: (وهل يكب الناس على وجوههم في النار إلا حصاد ألسنتهم)، ويقول صلوات الله وسلامه عليه: (إن العبد ليتكلم بالكلمة ما يتبين فيها يهوي بها في النار أبعد ما بين المشرق والمغرب .
عباد الله :
إن على المسلم أن يقلل الكلام قدر الاستطاعة، قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت) ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (من صمت نجا) ، فلتعلموا أيها الناس أن الكلمات تسطر، وأن الكلمات تكتب، قال الله تبارك وتعالى:(مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ) أي قول يسطر ويكتب .
أيها المسلمون :
إن كثرة الكلام تذهب الوقار، وقلة الكلام تدعو إلى الاهتمام بكلامك والاستماع إليه، ولقد كان عبد الله بن مسعود رضي الله عنه يعظ الناس كل خميس، فقال له قائل: يا أبا عبد الرحمن وددت أنك حدثتنا كل يوم، فقال عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه: (إني أكره أن أملكم، وإنما أتخولكم بالموعظة كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتخولنا بالموعظة كراهية السآمة علينا) هذا وقد قال الله تبارك وتعالى في الآية 114 من سورة النساء : (لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا )
أيها المسلمون :
لقد كان نبينا محمد عليه الصلاة والسلام يتكلم كلاماً لو عده العاد لأحصاه، فكانت كلمات النبي صلى الله عليه وسلم كلمات معدودة لو تتبعها الذي يعدها لأحصاها من في النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فينبغي أن نقلل الكلام قدر الاستطاعة لما سمعناه من أمر لله وأمر للنبي محمد صلى الله عليه وسلم، فكثرة الكلام كما بينا يكرهها الله تبارك وتعالى؛ إذ الله عز وجل يكره لنا القيل والقال، وكثرة الكلام التي بها يعد الشخص من الثرثارين، وتبعدنا عن مجلس نبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم .
ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة انك أنت الوهاب اللهم إنا نسألك أن تجعل بلدنا هذا آمنا وأن ترزقه من كل الخيرات وأن تجنبه الفتن ما ظهر منها وما بطن ونسألك اللهم التوفيق والسداد والهداية والرشاد وحسن العقبى وحسن الميعاد .