لم يكن حسين خوجلي ولا الطاهر حسن التوم ومن شابههم من مطبلاتية النظام الذين يسمون أنفسهم إعلاميون، أول ولا آخر من يتجرأ ويصف الشعب السوداني بالجرذان والمطبلاتية، فقد سبقهم كبارهم الذين علموهم التكبر والعجرفة والإساءة للشعب الذي ينتمون إليه.
الشتيمة ولغة التهديد والوعيد هي المسيطرة على خطاب الحكومة السودانية على أعلى مستوياتها، وبالتالي على إعلامها المدجَن منه والاصلي، والتي يغلب عليها لغة اركان النقاش بالجامعات مع الوضع في الاعتبار ان الافضلية لطلاب الجامعات.
هؤلاء الإعلاميون تقدموا للشعب السودان بوجوه طيبة وغزوا البيوت والإُسر بالبراءة التي يبدونها في برامجهم وأعمدتهم بالصحف والتي تدفقت منها عباراتها الوطنية في البداية حتي كسبوا بها تعاطف الكثير جدا من المواطنين البسطاء لأنهم يهاجمون النظام بعنف، وما درى المواطنون أنهم يستمعون ويقرأون )للحية الرقطاء(، والتي كشفت عن نفسها في أول إمتحان حقيقي، إمتحان الشرف والإنتماء الحقيق للوطن، فهؤلاء الاعلاميون كشفوا عن وجوه كريهة كالحة مخادعة عند المحك الحقيقي.
إعلام لم يهمه كيف يعيش المواطن، ولا ماذا يريد، ولم تهمه صورة الوطن امام العالم، بقدرما يهمه ما يطلبه وما يرغبه السلطان وكم يدفع، وحكومة تنقاد وراء وهم تنسجه من بنات افكارها وتصدقه وتحولنا لإعلامها ليقودنا معها في هضم الوهم بصمتنا الغريب حتى جعلتنا اضحوكة للعالم، وجعل منا شعبا اعوج الضهر مكسور الجناح.
حكومة بفعايلها المخجلة وصمت ومباركة إعلامها المؤسف خلَفت في هذا الشعب الطيب )عاهة( ظننا ولوقت قريب أنها مستديمة، قبل أن يفاجئنا ثوار السودان وشرفاءه بالانتفاضة المجيدة التي أعادت لنا ثقتنا في شعبنا مرة أخرى.
إعلام يهلل ويكبر بسبب وبدون سبب، يتحدث ويكتب مؤيديا النظام في الحق والباطل، يمدح ويشطح وينطح، متناسيا أن الكلمة شرف وأمانة، وأن الله سبحانه أول ما أقسم به أقسم بالقلم، وهذا ما كان يفترض أن يضعه إعلام النظام قبل غيره، ولكن لأنه إعلام مستلب لم يملك قراره يوما، ومقابل ذلك أخذ من خزينة الدولة ما كان كفيلا بحلحلة العديد من مشاكل الدولة والشعب، على الأقل لم نكن لنسمع بأزمات الدواء ولا في التعليم، ولكن في صمتهم حديث. وكما قال المثل)دبيب في خشمو جراداي ولا بعضي(،
لم نسمع أو نقرأ لإعلام النظام رأيا فيما يدور من فوضى في مؤسسات الدولة عندما تصدعت أركان الإقتصاد وإنهدَ )مرق الدولة(، لم يطالبوا بقانون يضبط حركة النظام ومؤسساته، ولم نسمع لهم صوتا والنظام يعلن تعديله للدستور ليسمح بترشيح الرئيس لدورة جديدة وإلى ما لا نهاية.
إلتزموا الصمت في بداية الثورة ولم يفتح الله عليهم بكلمة حق واحدة وهم يرون الأبرياء يتساقطون واحدا تلو الآخر ودمائهم تسيل على الطرقات، صمتوا عندما تطلب الوضع الحديث وإتخاذ موقف لصالح الوطن وإنحازوا لجانب الباطل، فباتت الشتائم والإساءات هي عناوين بارزة لصحفهم وقنواتهم، لذا كان من الطبيعي أن يتساقطوا واحدا واحدا في نظر الشعب. ومن الطبيعي جدا أن يهتف الثوار أمام صحفهم وقنواتهم وحتى بيوتهم، فالكلمة سلاح فتَاك، وليس هناك أبشع من إستفزاز مشاعر أم مكلومة ولا زوجة أرملة ولا طفل يتيم.
الشعب لن ينتظر شيئا ممن إستطعم الأكل على موائد السلطان وربائبه من سدنة النظام. الشعب قال كلمته ويرتب الآن لإعلان بيانه رقم واحد من داخل الميادين والأحياء ولا مكان لقنوات النظام في قاموس الثوار.