أعلنتْ الحكومة السودانية أمس بدء سريان حظر التجوال في كل البلاد من الساعة الثامنة مساءً وحتى السادسة صباحاً، في سياق إجراءات محاصرة انتشار فيروس “كورونا” الجديد المسمى بـ “كوفيد 19”. والقرار يعني عملياً وقف النشاطات الاجتماعية في الأفراح والأتراح وغيرها من التجمعات التي ارتبطت بها مراسم الحياة السودانية.
يسمح القرار بممارسة الأعمال العادية نهاراً خاصة أصحاب المهن الحرة الذين قد تتضرر مصالحهم كثيراً إذا تطور الأمر إلى حظر تجوال كامل على مدار اليوم، وغالبهم قد لا يحظى باحتياطي مالي يساعده في الإنفاق على تكاليف المعيشة الباهظة ومطلوبات الأسرة الحيوية خاصة الطعام، مما يستوجب من الحكومة تمديد النظر للسبل الممكنة لمساعدة هذه الشريحة في حال لا قدر الله أعلن حظر التجوال الشامل.
ولكن حتى لا تتطور الأوضاع إلى درجة حظر التجوال الكامل؛ أقترح أن يستبق الشعب السوداني الأمر بممارسة مزيد من الإجراءات التطوعية وفي وقت مبكر قبل أن يصبح لزاماً فرضها بقوة السلطة والقانون.. مثلاً رغم أنَّ النهار لا يشمله حظر التجوال لكن من الممكن ممارسة حظر تطوعي من جانب الفئات التي تتوفر لها قاعدة اقتصادية قادرة على احتمال الصبر بلا عمل لمدة طويلة.. مثلاً شركات القطاع الخاص التي تستطيع توفير أجور العاملين بها حتى ولو توقف نشاطها الاقتصادي مؤقتاً، من الممكن أن تبادر بعطلة مدفوعة الأجر لفترة محدودة حسب إمكانياتها، مثلاً يوم في الأسبوع، أو يومان، إضافة لعطلة نهاية الأسبوع، أو عطلة مستمرة لمدة أسبوع كامل أو أسبوعين أو أكثر حسب قدرة الشركة على احتمال التوقف عن الإنتاج والعمل.
هذا الإجراء رغم أنه قد لا يشمل كثيراً من الأعمال، إلا أنه يحقق إضافة تطوعية ومبادرة مهمة تساعد الحكومة في إجراءات كبح انتشار الفيروس الخطير..
ومن الممكن أيضاً، زيادة فترة حظر التجوال بصورة اختيارية، مثلاً بدلاً من إنهاء الحظر صباحاً الساعة السادسة، من الممكن بصورة اختيارية تمديده حتى الساعة العاشرة.. أو بدء الحظر من الساعة الرابعة مثلاً.. كل ذلك دون الحاجة لقرار من الحكومة فالشعوب الواعية هي التي ترعى مصالحها دون حاجة لجبر القانون والسلطة.
ومن الممكن أيضاً العمل يوماً والتوقف يوماً، فتصبح أيام العمل ثلاثة أيام في الأسبوع، فذلك أيضاً يساهم في زيادة فاعلية حظر التجوال الحكومي الرسمي.
كل هذه المبادرات الاختيارية إضافة إلى ما توفره من دعم للمجهود الحكومي فهي تساعد الشعب على هزيمة الفيروس الخطير، قبل الدخول إلى مرحلة الإجراءات الصعبة التي لجأت إليها كثير من الدول المنكوبة مثل إيطاليا.