• من يعتقد ان جريمة فض الاعتصام كانت موجهة ضد شهداء وضحايا الثالث من يونيو الأسود فهو مخطئ، فهي لم تكن موجهة ضد أولئك المعتصمين الأبرياء المسالمين الصائمين فقط، وإنما ضد الشعب السوداني بأكمله، بل ضد الإنسانية جمعاء .. لذلك أطلقت عليها القوانين الإنسانية اسم (الجرائم ضد الإنسانية) حتى لو كان ضحيتها شخصا واحدا فقط ، واتفقت معها في ذلك كل الكتب السماوية وقال فيها القرآن الكريم: (من قتل نفساً بغير نفسٍ أو فسادٍ في الأرض، فكأنما قتل الناس جميعاً)، وليس هنالك من تفسير لجملة (الناس جميعا) سوى (الإنسانية)، فماذا تعنى الإنسانية غير الإنسان ؟!
• لقد اعترف الناطق الرسمي للمجلس العسكري السابق في مؤتمر صحفي مسجل وموثق، إنهم خططوا على أعلى المستويات وأصدروا الأوامر لفض الاعتصام الذى راح ضحيته المئات، بغض النظر عن مكان التنفيذ سواء كان هو (كولومبيا) أو كمبوديا أو الحاج يوسف .. والاعتراف سيد الأدلة، كما يقولون!
• كما اعترف بها بطريقة او بأخرى اعضاء المجلس السابق، ووثقتها الصور والتسجيلات الحية التي اظهرت قوات المجلس العسكري وهى تقتحم مقر الاعتصام وتطلق الرصاص الحى والغاز المسيل للدموع، وتستخدم الهراوات وكل وسائل العنف الشديد، وتقتل المعتصمين وتسفك الدماء وتنتهك الأعراض والكرامة الإنسانية بمختلف وأحط الوسائل الإجرامية، فماذا بقى غير توجيه الاتهام للذين خططوا للجريمة، والذين امروا بتنفيذها، والذين نفذوها، والذين تستروا عليها، وإلقاء القبض عليهم ورميهم في المعتقلات الى حين تقديمهم للعدالة، لينالوا الجزاء الذى يستحقونه، ويكونوا عبرة لغيرهم من القتلة وسفاكي الدماء ومنتهكي الكرامة الإنسانية!!
• يظن البعض أن الاتفاق مع قوى الثورة الذى أتاح لهم المشاركة في حكم البلاد خلال الفترة الانتقالية، سيعفيهم من المسؤولية والمثول امام العدالة والمساءلة عن الجرائم السابقة والحالية التي ارتكبوها، ولكنهم سُذج لا يدركون الحقيقة … فالمعادلة الصعبة التي جعلتهم جزءا من أجهزة الحكم في الوقت الحالي، وتقبُلها الشعب على مضض لأسباب خارجة عن ارادته، والضغوط الدولية التي أسهمت في التوصل إليها مراعاة للأزمة السودانية وما يمكن ان تتمخض عنه في حال استمرار الخلافات، لن تكون موجودة لاحقا أو على الأقل لن تظل على وضعها الراهن باي حال من الاحوال مثل غيرها من حركة الزمن !!
• قريبا ستبدأ الملاحقة والمطاردة والجر الى منصات العدالة، وهنالك الكثير من التجارب من التاريخ الإنساني المعاصر ما يُستدل به على ذلك، مثل تجربة المجرم الشادي (حسين هبرى)، والمجرم الصربي (رادوفان كراديتش) اللذين سقطا من الكرسي الى الزنزانة بعد فترة هروب قصيرة .. ويقبع الآن حبيسا ً في سجن كوبر (المجرم المخلوع) وبقية المجرمين في انتظار الحساب على ما ارتكبوه من جرائم!
• لقد حان الوقت لتتحرك جماهير الشعب والثوار ولجان المقاومة لاستعادة ثورتهم التي سرقت، ومحاسبة الذين سرقوها وارتكبوا بها الجرائم واستغلوها للجلوس على كراسي الحكم للإفلات من العقاب، ولتكن ضربة البداية مليونية المفقودين يوم الأحد القادم إن شاء الله .
• من يظن ان الوظيفة الدستورية الرفيعة أو الحصانة الرسمية ستوفران له الحماية والهروب من العقاب، فهو واهم لا يخدع إلا نفسه.. فما هي إلا لحظات قصيرة في عمر الزمن، ويتحول النُدماء الى اعداء، والابتسامات الى اتهامات، والمكتب الوثير الى زنزانة ضيقة في سجنٍ قصى .. وسيرى الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون !!
إذا الشعب يوما أراد الحياة * فلا بد أن يستجيب القدر
ولا بد لليل أن ينجلي * ولا بد للقيد أن ينكسر
الجريدة