* منذ تأسيسه في أوائل السبعينيات من القرن الماضي، ظلت الوظيفة الوحيدة لجهاز المغتربين هى تحصيل الرسوم والأتاوات من المغتربين والتضييق عليهم، وليس تسهيل إجراءتهم كما تحاول الدولة تصويره، وكان أول ما فعلته الدولة بعد ظهوره هو تقليص فترة صلاحية جواز سفر المغترب من خمس سنوات الى سنتين، وربط تجديده وكل الاجراءات المتعلقة به من خروج ودخول ..إلخ، بسداد الاتاوات المفروضة، ولم يعد إلى فترة صلاحيته السابقة، كرها لا طوعا، إلا بعد استخدام الجواز الالكتروني الذي تمتد الى خمس سنوات، ولكن بقيت الإجراءات والسياسات التعسفية الرسمية فى حق المغترب كما هى !!
* شهدت الآونة الأخيرة تعيين مفوض جديد للجهاز وإقصاء المفوض السابق الذى تولى المهمة عدة مرات ووعد بتنفيذ اصلاحات لم تر النور، ولا يُتوقع أن يحدث شئ تحت اشراف ورئاسة المفوض الجديد أو أى شخص آخر غيره، وسيظل المغترب البقرة الحلوب، كما تنظر إليه الدولة وجهازها الذى لا يملك أى صلاحيات دستورية أو تنفيذية لتغيير الواقع المرير الذى يعانيه المغترب السودانى رغم كل الوعود والأمنيات الطيبة !!
* الجهاز ــ كما يقول الأستاذ عبدالرحمن علقم ــ ليست لديه السلطة لمنح أى إعفاءات مهما قل حجمها، وليست لديه الصلاحية لمعالجة قضايا التعليم والعلاج وغيرها من القضايا المزمنة التي تؤرق المغتربين، وإنما هو جهة تقدم مقترحات للسلطات الحكومية الأخرى، أخذتها أم تركتها!!
* وحتى الأمين العام للجهاز، فإنه يتبع لوزير رئاسة مجلس الوزراء وأحيانا لوزير الدولة في رئاسة مجلس الوزراء، بمعنى أنه موظف فقط، ولقد تعاقب على الوظيفة فى سنوات الإنقاذ ثلاثة أمناء رابعهم القادم الجديد، كلهم من كوادر الحزب الحاكم، لا يملكون المسحة أو الصفة القومية مما يجعلهم، بطبيعة الحال، يضعون إنتماءهم الحزبي فوق مصلحة المغترب، وينفذون ما يطلب منهم فقط بما يتماشى مع مصلحة الحزب الذى ينتمون إليه، بعيدا عن مصالح المغترب وهمومه!!
* ولقد نجح جهاز المغتربين في الغرض الذي أنشئ من أجله، وهو تحصيل الجبايات والضغط على المغتربين فقط، وسيظل كذلك الى أبد الآبدين مهما تغير الذين يشرفون عليه ويديرونه، ما لم تتغير التشريعات والسياسات، والنظرة الجبائية الدونية التى تنظر بها الدولة للمغتربين!!
* لا كرار التهامي )المدير السابق( ولا غير كرار التهامي، يستطيع توجيه هذا الكيان الأعرج ليكون ذا نفع للمغترب، فالفتق الذي يتسع سنة بعد سنة منذ نشأة الجهاز أكبر من قدرة أى راتق، مهما حمل من مسميات وظيفية .. سفير أو مفوض أو مدير، أو متحصل ضرائب وأتاوات.
* ونتساءل: لماذا لا تصرف الدولة جيوش المتبطلين والمنتفعين الذين يعج بهم الجهاز لأماكن أخرى أكثر حاجة لهم، وقد جاء امين سابق للجهاز بعدد وفير منهم، وظل المغترب يتعامل مع جهات الجباية كالعادة كلما جاء للوطن وأراد استخراج تأشيرة خروج، يدفع وينصرف لحاله!!!
* إذا كانت هناك فعلا جهة تمنح إعفاءات للمغتربين، أو كانت هناك إعفاءات فعلا للمغتربين، فلن يحتاج الأمر لأكثر من نافذة صغيرة في وزارة التجارة أو وزارة المالية، أو اي نافذة ملحقة بأي وزارة، تستلم من المغترب سندات الجباية والتحويلات ويستلم المغترب بالمقابل وفي نفس اللحظة، سند الإعفاء الجمركي أو أي امتياز آخر، ويمكن أن يحدث ذلك إلكترونيا، كما فى اى مكان آخر فى العالم، ويتم استغلال مباني الجهاز في الخرطوم وفي الولايات لأي أغراض علاجية أو تعليمية، واغلاق أبواب الصرف غير المبرر للمال العام!!
* ستظل هوة عدم الثقة بين الدولة والمغتربين قائمة فى مكانها، تتسع يوما بعد يوم، وسيظل المغترب بعيدا عن الدولة، ما لم تتغير نظرتها الدونية للمغتربين وتكون هنالك اصلاحات تشريعية وتغييرات ملموسة على ارض الواقع، ولن تفيد بشئ تغريدات أو وعود يعلم كل المغتربين أنها مجرد أحلام وأكاذيب ، وأن الجهاز ليس سوى وسيلة للخداع والكذب والجباية والتعذيب !!