ضجت وسائط التواصل الاجتماعي السودانية، وطالبت تنظيمات نسوية بتقديم رجل الدين المتشدد عبد الحي يوسف للمحاكمة، واتخاذ إجراءات قانونية صارمة ضده، وذلك على خلفية الاتهامات التي وجهها لقادة الحكومة الانتقالية، واتهامه لهم بالعمل على هدم الدين والأخلاق في البلاد، وتحريمه لممارسة النساء لكرة القدم، وتكفير وزيرة الشباب والرياضة ولاء البوشي، وإثارة الكراهية ضدها باعتبارها «الأفراخ» الذين تربوا في برامج التبادل الأميركية.
وطالب نشطاء وقادة سياسيون برفع دعاوى جنائية ضد الرجل، تتهمه فيها بإثارة الفتنة والكراهية الدينية، وتوجيه اتهامات الكفر لمسؤولين حكوميين، معتبرين ذلك محاولة لتمهيد الأرض لإجهاض الثورة السودانية.
وأدان تجمع المجموعات النسائية «منسم» في بيان حصلت عليه «الشرق الأوسط» أمس، ما أطلقت عليه «خطاب الكراهية والتحريض التكفيري، الصادر من الشيخ عبد الحي يوسف».
وعد التجمع اتهام الوزيرة بـ«أنها لا تؤمن بما يؤمن به سابقة خطيرة، وتلاعباً بعواطف المصلين الدينية»، ودعا لحماية كل من تعرض له يوسف بالذكر، ومحاسبته بالقانون والدستور، واتخاذ الإجراءات القانونية الرادعة في مواجهة كل من يدعو للكراهية ويمارس التحريض والإرهاب «سواء كان فكرياً أو دينياً».
وقال إمام مسجد خاتم المرسلين عبد الحي يوسف في خطبة الجمعة الماضية، إن الحكومة الانتقالية منشغلة بالترويج لقضايا بلا قيمة من بينها كرة القدم، وأضاف: «آخر التقليعات التي شغلت الناس افتتاح أول دوري نسائي لكرة القدم»، وتابع ساخراً: «كأن الرجال الذين يلعبون كرة القدم حازوا البطولات ونالوا الكؤوس، وفرع الناس منهم لكرة النساء».
وأوضح يوسف أن الوزيرة ولاء البوشي، تنتمي للحزب الجمهوري الذي أسسه الراحل محمود محمد طه، وأعدم على أيام الرئيس جعفر النميري، بتهمة «الردة»، ما يجعل منها بمصاف «الكافرة»، بقوله: «هي امرأة جمهورية تتبع ذلك المرتد المقبور، ولا تؤمن بما نؤمن به». وعقب سقوط نظام النميري في عام 1985، أعيدت محاكمة مؤسس الحزب الجمهوري، وبرأته المحكمة من تهمة «الردة» التي أعدم بموجبها، واعتبرت أن الحكم كان سياسياً، وأن حكم البراءة هو إعادة اعتبار للرجل رغم تنفيذ الحكم عليه.
ولعبد الحي يوسف المنتمي لجماعة دينية متشددة، علاقة معلنة بتنظيم «القاعدة»، ونقل عنه تأبينه لزعيم التنظيم أسامة بن لادن أن «إخوان أسامة ماضون في طريقه»، كما توجه له اتهامات بتشجيع تنظيم داعش «داعش» في ليبيا وتحريضه على قتال الجيش الليبي.
ويعد عبد الحي من المؤيدين الأقوياء للإسلاميين السودانيين، ونقل عن الرئيس المعزول عمر البشير أثناء محاكمته الجارية، أنه دعم قناة «طيبة» التي يترأس إدارتها بمبلغ 100 ألف دولار، وتخصيص مساحة واسعة لمركزه الإسلامي المعروف بمركز خاتم المرسلين في ضاحية جبرة بالخرطوم، مقابل إصدار فتاوى بتكفير الخارجين على نظام البشير، ونقلت تقارير صحافية أن الرجل أفتى بحق ولي الأمر في قتل ثلث المواطنين إذا ثاروا ضد الحاكم، وهو اتهام نفاه الرجل بعد سقوط نظام البشير.
وترجع علاقة عبد الحي بالبشير إلى ما بعد ابعاده من دولة عربية، لاتهامه بعلاقة مع الجماعات الإرهابية، وقام البشير بتنصيبه عضوا في «هيئة علماء السودان»، وهي هيئة دينية ينظر الكثيرون إليها باعتبارها ذراع الحكم الإسلاموي الدينية.
وقطع عبد الحي في خطبة الجمع بحرمة لعب النساء لكرة القدم، بقوله إنه أفتى بعدم مشروعية إقامة دوري للنساء يقتصر عليهن فقط، وذلك لسد الذرائع، وقال إن دوري كرة القدم النسوي يخدم أغراض الدول الأجنبية، وأضاف: «رأينا كيف احتفت به السفارات الأجنبية، وعلى رأسها سفارة الولايات المتحدة الأميركية»، وتابع: «ولا غربة في ذلك، فالوزيرة من (الأفراخ) الذين ربوا في برامج التبادل، وصنعوا على أيدي أولئك الأميركان».
واعتبر حضور المباراة النسوية من قبل الجنسين تعارضاً مع الدين وستر أجساد النساء، وتابع: «الأيام ستثبت أن من تولوا أمرنا في غفلة من الزمن، لا هم لهم، في كشف الضراء والبلاء، ومعالجة الأوضاع التي دفعت الناس للخروج على الأوضاع الاقتصادية… لم نر لهم برنامجاً ولا خطة».
واستطرد: «ما جاءوا من أجل بيئة أو إصلاح اقتصادي، ولا رخاء اجتماعي، ولا من أجل رقي علمي، إنما جاءوا لهدم الدين والأخلاق»، قبل أن يدعو عليهم بالهلاك بقوله: «أسال الله عز وجل في كل من أراد ديننا بسوء، أن يأخذه أخذ عزيز مقتدر، وأسأل الله عز وجل في كل من أراد أن يدمر أخلاقنا، أن يدمره، وأن يريحنا من شره وأن يأخذه أخذ عزيز مقتدر».
ولم يفتِ عبد الحي بحرمة كرة القدم النسوية طوال فترة حكم الرئيس المعزول عمر البشير، ولم يصف سفر الفرق النسوية في كرة القدم وألعاب القوى بالمشاركة في منافسات دولية بأنه خروج على الملة وإفساد للأخلاق. ويرجع معارضو الرجل موقفه الجديد، إلى كونه محاولة لشيطنة الحكم الانتقالي تمهيداً للانقضاض عليه.