كان رئيس مجلس الوزراء الدكتورعبدالله حمدوك وخلال زيارته للقاهرة مارس الماضي المح الى تمديد الفترة الانتقالية ولكنها استدرك قائلاً إذا استطعنا خلال 39 شهراً من عمر الفترة الانتقالية تحقيق السلام، سيكون ذلك إنجازاً كبيراً لأن السلام نفسه يساعد على تحصين الانتقال ،ولكن وبعد أن قطعت الحكومة شوطاً في ملف السلام عادت فكرة التمديد من جديد ورشحت الاخبار عن تمديد الفترة الانتقالية لتصبح خمس سنوات وستعلن الحكومة عن هذا التمديد عقب الوصول إلى اتفاق سلام مع عبدالعزيز الحلو وعبد الواحدمحمد نور على أن يكون ذلك بموافقة مفوضية السلام مع مراعاة التوافق بين جميع مكونات المرحلة الانتقالية.
هذا التمديد الذي تحدث عنه رئيس مجلس الوزراء عبدالله حمدوك هذه المرة صراحة عندماسألته صحيفة لوموند الفرنسية خلال مقابلة تمت معه فلم ينف التمديد او يستبعده بل قال ان التمديد سيوفر فرصة حقيقية لاحلال السلام الشامل في السودان.
وهذا يعني ان التمديد اصبح امراً واقعا ولكن وقبل ان تفكر الحكومةف ي مسألة التمديد كان لها أن تقف اولاً عن عدم إيفائها بما التزمت به من حيث المواعيد المحددة لفترة حكمها فيما يتعلق بالقضايا الموكل لها حسمها في هذه الفترة ، وهي قضايا شائكة تتمثل في مسألة اتمام السلام والإيفاء بكامل استحقاقات اتفاقية جوبا وفق الجدول المنصوص عليه في البروتوكولات الموقعة مع حركات الكفاح المسلح وتحقيق العدالة والقصاص لشهداءالثورة والإصلاح المؤسسي ومعالجة الأزمة الاقتصادية وإزاحة مايعانيه المواطن من هموم من ندرة وشح في بعض السلع الاستراتيجية والدواء، وإنجاز الدستور وقانون الانتخابات، وتهيئة المسرح للانتقال الديمقراطي .
هذا التباطؤ والتلكؤ في تنفيذ هذه الملفات ومانشهده من تعقيدات وتحديات ماثلة في كل جوانب الحياة يتطلب جهداً مضاعفاً من من الحكومة لإزالة هذه العقبات لأنها تعتبر مهدد حقيقي لاستقرار البلاد مستقبلاً لذلك ان لم تغير الحكومة طريقتها في التعامل مع هذه القضايا فلن تكفيها عشر سنوات جديدة بجانب أن التمديد يعد خرقاً واضحاً للوثيقة الدستورية خاصة اذا تم ذلك لإرضاء حركات الكفاح أو أي جهات اخرى، وفي حال انضمام عبد العزيز الحلو وعدم انضمام عبدالواحد ، إلى ركب السلام، فهل من المعقول أن يتم التمديدارضاء للحلو ومرة اخرى لعبد الواحد فماذا لو تأخر عبد الواحد عن ركب السلام لمدة عام هل بعد انضمامه ستلجأ الحكومة من جديد للتمديد.
كما ان هذه الوثيقة المثقوبة لطالما انها تحتمل كل هذا العبث فلماذا لايتم إلغاء كثير من البنود التي كانت سببا في عرقلة الاصلاح ووقفت حائلاً دون الوصول الى تغيير حقيقي يحقق أهداف الثورة لاسيما ان تعديل نصوصها مرهون في الوثيقة نفسها بموافقة ثلثي أعضاء المجلس التشريعي، هذا المجلس الذي لم يتم تكوينه حتى الآن وهذا التأخير يبدو ان الحكومة تقصده لأن وجوده هو الذي يجعل ذلك تعدياً صريحاً، وإجراء غير قانوني.
لذلك فإن الحكومة ان التفتت الي إنجاز المهام في فترتها المحددة خير لها من زيادة فترة الحكم التي لن تفيدها شيء سوى ان تجلب لها مزيداً من الأعباء فالإصلاح الاقتصادي وتحقيق العدالة من اهم التحديات التي تواجهها وهذه لاتنجز بزيادة المدة إن كانت لاتوجد عزيمة وارادة وقرارات حاسمة فقبل ان تفكر الحكومةفي ايام قادمات لتنجز فيها لابد ان تسأل نفسها عن ايام مضت ما الذي انجزت فالتلميذ ان لم يكن له اجابة للسؤال في الامتحان هل يفيده منحه المزيد من الوقت ؟.
طيف أخير
عقدة هذا العالم، أن الأذكياء فيه مليئون بالشكوك، والحمقى على ثقة كاملة من أنفسهم.