قرارات إحالة وتعيين واسعة شهدها جهاز المخابرات العامة، وفقاً لقرار أول أمس الجمعة، الذي حمل إقالة نائب مدير المخابرات الفريق عوض الكريم القرشي، ليحل محله الفريق أحمد إبراهيم مُفضل، كما تمت إحالة نحو ثلاثين ضابطاً للتقاعد. فماهي دلالات ذلك القرار؟ وهل هناك أبعاد تصب في خانة الأزمة الاقتصادية، ام في خانة إحكام السيطرة والنفوذ على جهاز المخابرات ؟
أصدر رئيس المجلس السيادي الفريق أول عبد الفتاح البرهان قراراً بتعيين الفريق أحمد إبراهيم علي مفضل نائباً لمدير المخابرات العامة، وخلفاً للفريق أمن عوض الكريم القرشي الذي أحيل للتقاعد، كما شهد جهاز المخابرات العامة تغييرات في بعض الإدارات والفروع، وترقية بعض الضباط .
ونصت الوثيقة الدستورية الموقعة بين المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير في 17 أغسطس الماضي، بالفصل الثاني (مهام الفترة الانتقالية) على إسناد مهمة أعمال إصلاح الأجهزة والمؤسسات الأمنية للقوات المسلحة وفق القانون.
وتفيد السيرة الذاتية الحديثة للفريق مفضل، أنه تم تعيينه والياً لجنوب كردفان، ورئيساً للمؤتمر الوطني بالولاية في مايو 2018، وهو معروف بأنه إسلامي منذ الجامعة.
أما السيرة البعيدة للفريق مفضل، وفقاً لدفعته في الدراسة بالمراحل الابتدائية والثانوي العام والعالي، فإنه من الإخوان المنضمين للحركة الإسلامية من قديم، وهو جلس لامتحان الشهادة السودانية 1980، ومنها غادر للقاهرة المصرية حيث تخرج من كلية التجارة بجامعة الزقازيق 1985، ثم التحق بالعمل في الوكالة الإسلامية لفترة قصيرة، ومن ثم توجه للعمل بمنظمة الدعوة الإسلامية، حيث عمل في نشاطها بمدينة نيالا، كما عمل مبعوثاً لديها في اوغندا وتنزانيا، ومن ثم التحق للعمل بجهاز الأمن والمخابرات في منتصف تسعينيات القرن الماضي، حيث تقلد مسؤولية عدد من الإدارات بالجهاز، منها إدارة المخابرات الخارجية، وإدارة الأمن الاقتصادي لنحو عامين، وهي الإدارة ذات الصلة الوثيقة بالشأن الاقتصادي، ولها دور كبير في صنع السياسة الاقتصادية بالدولة، ويصف محدثي الفريق المفضل بالرجل الهادي، وأنه طيب المعشر، وليس رجل مؤامرات .
نائب مدير جهاز الأمن وعضو المجلس العسكري الأسبق الفريق جلال الدين الشيخ تحدث لـ(الإنتباهة) عن أهمية إدارة الأمن الاقتصادي بجهاز الأمن، واصفاً إياها بالإدارة المهمة جداً، فهي في النظام السابق كانت تشرك في السياسات العامة لاقتصاد البلاد، فيقدم مدير الإدارة توصياته لمجلس الوزراء، وكانت تشارك في وضع الموزانة العامة عبر مجلس الوزراء بصورة مباشرة، بأن يحمل مدير الإدارة توصيات الإدارة للمجلس، ومن مهام الإدارة ايضاً التدقيق في الشركات الأجنبية الراغبة في العمل بالبلاد، لمعرفة ما اذا كان مقصدها الاستثمار المفيد ام نهب خيرات البلاد، ربما هناك شركات ينتج عن أنشطتها تلويث التربة مثلاً، وهذه مسألة أمن قوي بامتياز، كما تعمل على مكافحة التهريب، ولعملها صلة بالإنتاج والأسواق، فهي تملك المعلومات التي تتوفرلها للجهات المعنية، كالهيئة القومية للمواصفات والمقاييس ووزارة التجارة على سبيل المثال، وتترك لها خيار القرار. فالإدارة جهة استشارية، استشارتها غير مُلزمة .
هذه الحثيات، تدفع للتساؤل عما إذا كان تعيين مفضل يعود لأسباب اقتصادية ام لا؟، خاصة وأن الأزمة الاقتصادية هي العنوان الأبرز للمرحلة الحالية، وخاصة وأن وزير المالية البدوي تنبأ بانهيار الاقتصاد اذا لم تتوفر لموازنة العام القادم 2020 خمس مليارات دولار .
مصدر آخر يشير إلى قرب قرشي من حميدتي، فالاثنين عملا سوياً في مكافحة تهريب البشر، والحوار مع الحركات، وعلاقتهم بدأت في شمال دارفور، وهي راسخة، ولكن مصدر ثالث -طلب حجب هويته- قال لـ(الإنتباهة) إن الفريق المفضل علاقته أقرب بحميدتي من الفريق قرشي، مضيفاً بألا علاقة بين الفريق المفضل والبرهان، وفسر المصدر قرار تعيين المفضل بالسيطرة الكاملة للفريق حميدتي على جهاز الأمن، على نحو يتجاوز الفريق البرهان ومدير جهاز الأمن نفسه الفريق أبوبكر دمبلاب، وهو قريب من البرهان، وزميله في الدفعة (31) في الجيش، وفيما يلي الضباط الذين تمت إحالتهم للمعاش، وتترواح رتبهم ما بين اللواء والعميد والعقيد، لفت المصدر الى عددهم (27) وليس (60)، كما جاء في بعض الأخبار، مشيراً الى هؤلاء الضباط قريبين مهنياً من مدير جهاز الأمن الأسبق الفريق صلاح قوش، بل وبعضهم من أقربائه على المستوى الأسري. وقال إن تلك الإقالات هدفها قطع الطريق أمام قوش، بحيث لا يكون له أي دور مستقبلاً في البلاد، وبالأشارة لكشف الإحالات السابق بالجهاز، قال المصدر إن ذلك الكشف كشف إحالات عادي، وقد حانت موعدها آنذاك، وزاد لايوجد فيهم واحد قريب من قوش سوى ضابط واحد فقط. مصدر ثالث يشير الى أن علاقة الفريق مفضل بالفريق أول حميدتي قديمة، وهي علاقة تمتد على المستوى الأسري، والاثنين من مدينة نيالا، مضيفاً بأنه صادف حميدتي أكثر من مرة في عزاء يخص المفضل .