* نشرت صحيفة (الشرق الأوسط اللندنية) المملوكة لأحد الامراء السعوديين والتي تلتزم بكل صرامة بالخط الداعم لسياسات الحكومة السعودية ، تقريراً خبرياً يوم أمس (السبت 26 يونيو، 2021 ) شارك في كتابته الزميل (أحمد يونس) من السودان، وصحفي من تل أبيب، عن زيارة وفد الموساد الى الخرطوم ولقائه بـ(حميدتي) مما أغضب رئيس مجلس السيادة عبدالفتاح البرهان ورئيس الحكومة عبدالله حمدوك فبعثا برسائل غاضبة الى الحكومة الإسرائيلية احتجاجاً على ذلك!
* حسب التقرير، فإن موقعاً إسرائيلياً يستند إلى جهات دبلوماسية إسرائيلية، نشر أن طائرة خاصة قادمة مباشرة من تل أبيب حطت في الخرطوم، الأسبوع الماضي، وعلى متنها عدد من مسؤولي الموساد، عقدوا لقاءات مع جنرالات موالين لحميدتي، وربما معه نفسه.
* وذكر الموقع أن حميدتي، حاول منذ وقت مبكر إقامة قنوات اتصال مستقلة مع إسرائيل، من أجل دفع أجندته المستقلة في السودان، بدون علم البرهان وحمدوك، بما في ذلك الزيارة الاخيرة لوفد الموساد، وهو ما يؤكد ما قاله حمدوك مؤخراً عن وجود خروقات في ملف العلاقات الخارجية، الامر الذي يعد تهديداً للسيادة الوطنية والمصالح العليا للبلاد!
* أبدا بالقول ، إن نشر التقرير على هذا النحو من صحيفة تابعة للمملكة العربية السعودية عن الحليف الاستراتيجي للملكة في السودان يؤكد أن العلاقة بين الطرفين لم تعد كما كانت في السابق، وهو ما دفع حميدتي للبحث بشكل جنوني عن حلفاء آخرين مثل تركيا وقطر وأخيراً اسرائيل غير مبال أو (غير مدرك) لتداعيات العمل الخطير الذى يقوم به، خاصة مع افتقاده بشكل كلي للدعم الداخلي والخارجي لأسباب معروفة، ويبدو أن السعودية التي تبحث عن مخرج من حرب اليمن قد نفضت يدها منه فجن جنونه وطفق يبحث عن حلفاء آخرين يدعم بهم موقفه وطموحه السياسي !
* إذا صح التقرير ــ وأرجح ان يكون صحيحاً ـ لما تعودنا عليه من صحة الاخبار والتقارير التي تنشرها المواقع الاسرائيلية ــ فلا بد لنا أن نتساءل، من الذي أمر بمنح وفد الموساد تأشيرة الدخول الى السودان إذا كان رئيس مجلس السيادة نفسه ورئيس الحكومة لا يعلمان شيئاً عن الزيارة، إلا إذا تحولت البلد الى زريبة هوامل يمكن لكل من هب ودب ان يدخلها ويخرج منها وقتما يشاء بتأشيرة أو بدونها، وتهبط طائرته في مطار الخرطوم بدون معرفة وموافقة السلطات؟!
* رغم انني اتوقع أن تنفي السلطات صحة التقرير، وهو أمر درجت عليه خاصة عندما يتعلق الأمر بالعلاقة بين رئيس مجلس السيادة ونائبه، إلا أن ما جاء فيه يؤكد اشتداد الصراع بين الطرفين ومحاولات حميدتي المستمرة للهيمنة واكتساب النفوذ الاقوى بإقامة التحالفات، وأشير هنا الى تحالفه مع الفلول ابان صراع المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير ومحاولة استمالة زعماء الادارات الاهلية الى جانبه، ومحاولاته بعد توقيع الاتفاق لكسب الشارع بتقديم بعض الخدمات، وتحالفه الحالي مع اعدائه السابقين في الجبهة الثورية وغيرهم!
* ولم تتوقف محاولاته عند حدود الداخل، بل ظلت عينه مصوبة نحو الخارج منذ الوهلة الاولى لسقوط النظام البائد وتشكيل المجلس العسكري السابق باتفاقه مع شركة كندية يديرها أحد قادة الموساد السابقين لتحسين صورته في الغرب، ومحاولته التي لم يوفق فيها بإقامة علاقة خاصة مع المصريين الذين يعتبرون القوات المسلحة حليفهم الاستراتيجي، فاتجه نحو قطر ثم تركيا بعد انصراف السعوديين عنه (أو ربما كان هذا هو السبب في انصراف السعوديين عنه)، كما تأثرت علاقته بالأمارات لفشله في موضوع (الفشقة)، واتجه أخيراً نحو إسرائيل التي استغلت الفرصة لتمد يدها إليه ليس بغرض اقامة علاقة معه، فهي تعلم جيدا انه لا يحظى بالقبول في الداخل والخارج، وإنما بغرض الضغط على البرهان لإكمال ما بدأه معها، وليس لدي أدنى شك في انها ستتخلى عنه في اول بادرة ايجابية من البرهان او الحكومة تجاهها، خاصة مع الضغط الأمريكي المتزايد عليها بتركيز جهودها على اقامة علاقة مع الشق المدني في السلطة !
* كل ذلك مما يؤكد ان الصراع وصل الذروة، وليس من الحكمة إضاعة الوقت في النفي وتنظيم اللقاءات المشتركة لخداع الناس بأن كل شيء ما يرام، وإنما اتخاذ خطوات عملية تنهي الاوضاع الشاذة الموروثة من النظام السابق مثل وجود قوات مستقلة تماما عن الجيش، وتضع كل شخص او جهة في حدود مسؤولياتها وصلاحيتها، وتحفظ سيادة وكرامة وسمعة البلاد، بدلاً عن الاهانات والصفعات التي تتلقاها كل يوم!