طالعتنا صُحف ما بعد الثورة بخبرٍ مُفرِح جاء على لسان السيد محمد عصمت أحد الذين دفعت بهم الثورة إلى سطحِ المشهد السياسي في السودان، أكد فيه أنّ للسودان حوالي (64) مليار (دولار) تم تهريبها بواسطة النظام السابق موجودة الأن في البنوك الماليزية، أسعدنا الخبر أيّما سعادة وقد كُنّا لا نحلم وقتها بأكثر من ربع المبلغ المذكور، يكفينا لاعمار ما تمّ تدميره من أساسيات بناء الدولة، ، ويكفينا أيضاً مهانة استجداء الغير أعطونا أو منعونا.
رُبما الفرح الهستيري بنجاح الثورة دفعه للإيتاء بهذا الخبر المُثير لادخال المزيد من الفرح في قلوب الناس الممكونة، والبعض يرى بأنّ الأخ عصمت صاحب مشروع سياسي مُعارِض للإنقاذ ولذلك جاء برواية المبالغ المليارية لدعم طموحه السياسي (إن) صدقت الرواية، ويزيد به من جانب آخر اتساع الهوة بين المواطن وجماعة الإنقاذ المغضوب عليهم، وهُناك من حاول التبرير بعد السخرية والانتقادات اللاذعة للتصريح بأنّ الرجل أخطأ عندما ذكر أن ّالأموال بالدولار، بل يقصُد بأنّ المبلغ الموجود في ماليزيا يُعادل 64 مليار جنيه سوداني، على كُل حال لم نسمع ما يؤكد لنا بأنّ الخزينة العامة استلمت جنيهاً أو دولاراً واحداً من المبلغ المذكور.
عاد عصمت من جديد ليُحدثنا بضرورة إعادة المبلغ المنهوب والذي أكد صحته هذه المرة بأنّه (64) مليار (دولار)أو يزيد حسب تصريحه (الجديد) لصحيفة السوداني، وما زال الرجُل يُصر بأنّ المبلغ موجود ويجب علينا استرداده، ولم يذكُر لنا هذه المرة الدولة التي يوجد بها المبلغ، رُبما تجاهلها مُتعمداً بعد أن أرسلت ماليزيا بعد حديثه الأول كما رشح في الأخبار بتفاصيل كُل الأموال السودانية في مصارفها والتي لا تتجاوز (100) مليون دولار تخُص شركات لها مشاريع قائمة في السودان، ومن منّا يا أخي لا يتمنى أن يكون للسودان مثل هذا المبلغ، وقد أرهقتنا الفاقة، ومللنا اللهث وراء الدول للاستدانة المشروطة منهم، ولكن نحتاج التأكيد عليها بالمستندات ليسهُل علينا استردادها، وما أسهل الكلام في المنابر، وما أصعب اثباته في الواقع.
تتلهّف حكومة حمدوك اليوم وكلها أمل في إيفاء المجتمع الدولي بوعوده لها بدعمٍ قليلٍ لا يصل في مجمله إلى 5% من مبلغ عصمت المزعوم، فلماذا لا تشرع الحكومة فوراً في استرداد بعض أو كل الأموال الضخمة للاستفادة منها في بناء جسور العبور، وإعداد العُدة للانتصار، إن كان لها من وجود أصلا، ونستغنى بها من أموال البنك الدولي وشروطه المُجحِفة.
الأموال مكانها وين يا عصمت وأين مُستنداتها التي تُثبت أحقيتها لنا..؟
سُئل السيد حشّاش بي دقنو يوما..
هل حصدت شيئاً من كلامك الكثير وأنت في مكانك هذا..؟
فتبسّم ساخراً من السؤال وأجاب لو يحصد الناس من كثرة الكلام شيئاً لشبع أهل السودان وفاضت خيراتهم من كثرة كلام ساستهم.