الخرطوم: عبد الرؤوف طه
تبدو عملية دمج جيوش الحركات المسلحة داخل الجيش السوداني ومن ثم بناء جيش قومي مهني هي المهمة الأصعب في المرحلة الانتقالية، سيما مع تعدد الجيوش وكثرتها فضلاً عن وجود جيوش نظامية أخرى تم تقنين وضعها وفقاً للوثيقة الدستورية التي يتحاكم إليها الناس في الوقت الراهن.
مطلب دولي
عملية دمج الجيوش تبدو مطلباً دولياً وليس داخلياً فحسب، سيما دول الفيتو الدولي مثل الولايات المتحدة الأمريكية التي طالبت مؤخراً بتوحيد الجيش السوداني في كيان مهني واحد يضم كل المكونات العسكرية من الجيش الحالي والدعم السريع وجيوش الحركات المسلحة..
واشنطن ليست وحدها من طالبت بتوحيد الجيش السوداني في هيكل واحد ومهني يستوعب التنوع السوداني بكامله، حيث توجد حركات حاملة للسلاح مثل الحركة الشعبية لتحرير السودان شمال بقيادة عبد العزيز الحلو تشترط بناء جيش مهني موحد وأن تكون قواتها ضمن النواة الأساسية أو المكون للجيش الجديد، فضلاً عن ذلك قال رئيس الوزراء د. عبد الله حمدوك إن مسألة بناء جيش مهني موحد مسألة في غاية الأهمية وأن يعمل عليها سيما أن عدم تماسك المنظومة الأمنية وخلالتها قد يؤدي لشرخ في السودان
خيارات الدمج
دمج الجيوش المتعددة في هيكل مهني موحد ربما يبدأ بخطوات تدريجية، انطلاقا بدمج جيوش الحركات المسلحة في القوات النظامية بما فيها الدعم السريع ومن ثم لاحقاً دمج الدعم السريع داخل الجيش، فعلياً شرعت الحكومة في عملية الترتيبات الأمنية بعد تشكيل لجنة من جيوش الحركات المسلحة ضمت سليمان صندل حقار من العدل والمساواة ، وجمعة محمد حقار من جيش تحرير السودان وسعيد يوسف من حركة التحالف السوداني وأحمد جدو من تحرير السودان المجلس الانتقالي بجانب ممثل من “DDR” وممثل الوساطة من جنوب السودان وبعثة الأمم المتحدة بالسودان.
وعقب تكوين اللجنة الأمنية للترتيبات الأمنية ابدت قيادات عسكرية بالحركات المسلحة ممانعة في الانضمام لقوات الدعم السريع التي توضع ضمن الخيارات المتاحة للدمج. وقال مصدر بأحد المسلحة انهم مع خيار الاندماج في الجيش وضد الاندماج في الدعم السريع لجهة أن الدعم السريع يعتبر جيشا موازيا وليس جيشا قوميا وقال “للسوداني” إنهم متمسكون بجيش مهني واحد وعقيدة قتالية جديدة وتمثيل عادل لكل الأقاليم في جميع وحداته وهياكله القيادية، غير أن حديث المصدر يبدو غير مستساغ للأمين العام لحركة تمازج “الثالثة” عكاشة سليمان أنهم لا يمانعون في الاندماج داخل القوات المسلحة وفقاً لتقديرات المؤسسة العسكرية. وقال في تصريح صحفي مقتضب إن استيعاب منسوبي “تمازج” سيكون في شكل دفعات، مؤكداً تعاونهم التام مع المنظومة الأمنية.
العقبة الكؤود
ثمة من يعتقد أن الدعم السريع هو العقبة الكؤود في طريق بناء الجيش المهني الموحد، وهو ما يذهب اليه المقدم معاش عمر ارباب وقال إن عملية إدماج الدعم السريع في الجيش تبدو عسيرة في الوقت الراهن. وأضاف عدم دمج الدعم السريع داخل الجيش قد يعطي ذريعة للحركات المسلحة للتمسك بجيوشها، مستشهداً بالحركة الشعبية شمال بقيادة عبد العزيز الحلو وقال إن حركة الحلو لن تقبل بدمج جيشها قبل دمج الدعم السريع داخل الجيش الموحد. وقال أرباب لـ”السوداني” إن جيوش الحركات الأخرى الموجودة بالخرطوم تبدو غير راغبة في الدمج خاصة أن قياداتها السياسية وصلت للمنصب الوزاري عبر بندقية جيوشهم لذلك سيرفضون الدمج. وأردف “حالة دمج جيوش يمكن الاستغناء عن خدماتهم السياسية وسيصبحون بدون سند بالتالي قيادة الحركات المسلحة لن تقبل بالدمج”. وقال ارباب إن جنود الحركات المسلحة لديهم رغبة في الاندماج داخل الجيش لضمان مستقبلهم وان الجيش الموحد هو الباقي ولا مستقبل للمليشيات بالتالي ستكون هنالك عملية شد وجذب بين قادة جيوش الحركات المسلحة وجنودهم”. وأضاف “أيضاً قادة جيوش الحركات المسلحة يرغبون في الاحتفاظ بجيوشهم وان تقوم الدولة بالصرف عليهم وهذا أمر غير منطقي”.
في السياق يقول الخبير الأمني الفريق حنفي عبد الله إن الجيش الحالي جيش مهني يضم كافة أبناء السودان ولكن يمكن إعادة هيكلته وتغيير عقيدته القتالية من ثم إدماج جيوش الحركات المسلحة بداخله. وحول إمكانية دمج الدعم السريع داخل الجيش قال حنفي لـ”السوداني” “الدعم السريع الآن يأتمر وفقاً لتوجيهات القائد العام للقوات المسلحة ويمكن مستقبلاً وضعه داخل الجيش السودان وفقاً للقانون.
السوداني