* كيف نحلم ببناء الوطن وتغيير واقعه المحزن طالما أن جُل الوقت المُخصص للعمل مُضاع في تنظيم المسيرات، وتبني الاحتجاجات المتعلقة بالسعي إلى إقالة زيد وإعادة عبيد من الناس؟
* اليوم سيتم تنظيم مسيرة أخرى، إحياءً لذكرى 21 أكتوبر، وقد اشتجرت قوى الثورة وتنافرت ما بين مؤيدٍ لها ومعارضٍ لتنظيمها، لتتناثر بسببها الاتهامات في الأسافير، وتسود الفُرقة في وطن ابتلاه المولى عز وجل بعقوق بنيه.
* الثابت الوحيد في مسيرة اليوم أنها ستهدر يوم عملٍ آخر، تخلو فيه مكاتب الدولة من العاملين، وتتعطل فيه الدراسة، وتغلق البنوك أبوابها، خوفاً من ما قد يصاحب المسيرة من أحداث.
* بالأمس صادفت وقفةً احتجاجيةً، تم تنظيمها في شارع النيل، للمطالبة بإعادة مفصولين من إحدى المؤسسات الحكومية، فعطلت الحركة، وجعلت عوادم السيارات تنفث دخاناً ساخناً، نتج عن حرق وقودٍ غالٍ، أتانا منحةً كريمةً من أشقاء أعزاء، تولوا إعاشتنا طيلة الشهور الماضية، حتى أصبحنا عالةً عليهم.
* ألم يكن بمقدور المحتجين أن ينظموا وقفتهم من دون أن يغلقوا الطريق، ويعطلوا مصالح العباد؟
* إلام يستمر هذا السخف القبيح؟
* وحتام يتواصل إهدار الوقت بلا عمل، في بلادٍ يئن اقتصادها تحت وطأة أزمةٍ طاحنةٍ، أدت إلى تقليص قيمة العملة الوطنية، ليصل سعر الدولار زهاء خمسة وسبعين جنيهاً؟
* متى ستتوقف هذه المسيرات العبثية، لتبدأ مسيرة الإنجاز، ونلتفت إلى ساحات الإنتاج، كي نعتمد على أنفسنا، ونقيل عثرة بلادنا، بعد أن تحولنا إلى عبءٍ ثقيلٍ على غيرنا؟
* على من يهدرون الوقت في الفارغة أن يلتفتوا إلى أعمالهم، ويعينوا حكومتهم بالإنتاج، بدلاً من شغلها بمسيراتٍ فوضوية، واحتجاجات عبثية، تنظم كيفما اتفق، وبلا تنسيق مع السلطات الأمنية.
* حرية الرأي مكفولة للناس بأمر الثورة، لكن الفوضى مذمومةً، وإضاعة الوقت في اللعلعة بعد نجاح الثورة ستهدر مكاسبها.
* ثورة يفترض أنها أتت لتغيير واقع السودان الموجع إلى الأفضل، لا لتعطيل الإنتاج، وإهدار الوقت في ما لا يفيد.
* ما يحدث في شوارعنا منذ فترة يؤكد أننا لا نحسن قراءة الماضي، ولا نستذكر دورسه، ولا نتعظ منها، بدليل أن المشاهد الحالية تماثل ذات ما حدث بعد انتفاضة أبريل 1985، عندما تكاثرت الاحتجاجات، وتنافست النقابات في حض منسوبيها على الإضراب، إما طلباً لزيادة الأجور، أو لتبني مطالب سياسية، وتنافست قوى الانتفاضة في الحديث عن (كنس آثار مايو)، حتى انهار الاقتصاد، وأطلق الشريف زين العابدين الهندي رحمة الله عليه مقولته الشهيرة (الديمقراطية كان شالها كلب ما نقول ليهو جَر)، وبالفعل دوت المارشات العسكرية في صبيحة الثلاثين من يونيو، لنمضي ثلاثة عقود في حكمٍ شمولي بغيض، أضاع البلاد، ودمر الاقتصاد.
* يقولون العاقل من اتعظ بغيره، ونحن لا نتعظ من دروس الماضي، ولا نتعلم من أخطائنا، بل نكررها كل حين، فتدفع بلادنا الثمن غالياً، وتتضاعف فيها آلام المسحوقين.
* كفوا بالله عليكم عن الفوضى، وانصرفوا إلى العمل لتحقيق ما يفيد البلاد، ويرفع البلاء عن العباد.
* أعينوا حكومة حمدوك بالعمل، فالأوطان تبنيها سواعد بنيها، ولا تتطور بالمسيرات العبثية، والمظاهرات اليومية، والوقفات الاحتجاجية.
* أوقفوا هذا العبث الكريه قبل أن نُعض على بلادنا بنان الندم