ألتقيكم أعزائي قراء زاوية “تأمُلات” ابتداءً من اليوم عبر صحيفة ورقية بعد غياب طويل.
وقد وقع الاختيار على صحيفة الوسط الهلالي بعد نقاش مع الحبيب الزميل خالد أبو شيبة.
وبما أن الصحيفة تضم عدداً من الأقلام الرزينة، ويرأس تحريرها الصديق سيبويه يوسف كان طبيعياً أن أعاود الاطلالة على القراء عبرها.
حدثني خالد الواضح الصريح عن نقاشه مع ناشر الصحيفة محمد عثمان الكوارتي وتأكيده له على حقيقة أن صاحب هذه الزاوية مباشر في التعبير عن آرائه التي قد تتقاطع أحياناًً مع رؤى صاحب الجريدة وهيئة تحريرها المحترمة.
وقد رحب الناشر مشكوراً بالفكرة مؤكداً على سعة صدرهم لأي طرح سواءً اتفق أو اختلف مع رؤاهم.
والحقيقة أنني لم أستغرب رد الكوارتي لأن خالداً نفسه كان قد حكى لي أثناء نقاش بيننا قبل فترة عن لقائه الأول به وكيف أنه رحب به وتعامل معه بود رغم نقده الشديد له في قضايا سبقت ذلك اللقاء.
أردت أن أطلعك عزيزي القاريء على حيثيات قرار الكتابة في “الوسط الهلالي” احتكاماً لنهج الوضوح الذي اتبعته منذ خط أول سطر في هذه الزاوية قبل سنوات طويلة.
وأسأل الله أن يعينني في أن أقدم الإضافة المطلوبة للصحيفة وكادرها، وأن أكون عند حسن ظن قرائها.
فهدفنا الذي لا نحيد عنه هو تقديم مادة تحترم عقول القراء بعيداً عن الزيف والمساومة حول الرأي.
تضامن الرياضيين مجرد كلام..!!
كثيراً ما نسمع أو نقرأ عن تضامن الرياضيين ووقوفهم مع بعضهم البعض في السراء والضراء.
صحيح أننا كسودانيين بطبعنا لا نقصر في هذا الجانب، لكن هل هناك تضامن حقيقي وسط الرياضيين والإعلاميين عموماً، أم أنه كلام والسلام؟!
رأيي الشخصي أنه أشبه بـ ” كلام والسلام”.
ما دعاني للتطرق للأمر في هذا الشهر الكريم هو تلك الحادثة المؤسفة التي حدثت قبل أسابيع عديدة.
فقد طُرد إعلامي رياضي كبير من بيته بسبب العوز وعدم القدرة على الإيفاء بقيمة الإيجار.
أثيرت قضية الإعلامي المخضرم في بعض صحفنا ليتدخل بعض رجال المال مشكورين لحل المشكلة.
لكن السؤال الذي قفز إلى ذهني حينها هو لماذا بلغ الأمر حد أن يُطرد الرجل لتنتشر تلك الصور المؤسفة لأغراض بيته (مرمية) في الشارع لتكتب الصحف بعد ذلك وتناشد الأثرياء من أجل توفير الدعم!!
ظني أن التضامن الحقيقي يقتضي أن يكون الناس على تواصل دائم ويتعرفوا على أحوال بعضهم ويسعوا للمساندة قبل أن تصل الأمور مثل هذه المستويات حتى لا يحس المتعسر أو أفراد عائلته بالضرر النفسي والمعنوي.
إحدى أزماتنا المجتمعية هي أن تركيزنا يكون دائماً على ميسور الحال الذي يقدم العون حيث نسارع بتسليط الضوء على ما قدمه من مال ومساعدة لحل الأزمة، لكننا نهمل الشخص المتعسر والأثر النفسي السيء الذي قد يمتد لبعض أفراد عائلته.
ربما يتفهم الكبير الظروف ويدرك أن الأيام دول ويمتص الأمر بسهولة بعد أن تُحل المشكلة، لكن من يضمن عدم تأثير مثل هذا الوضع على أفراد عائلته باختلاف أعمارهم وفهمهم ونظرتهم لأمور!
فلِمَ لا نسعى لمنع الضرر قبل وقوعه وننتظر دائماً وقوع الأزمات لنبدأ بعد ذلك الصراخ وإطلاق حملات الدعم هنا وهناك!!
أما الوضع الأمثل فهو أن تتوسع مظلات الصناديق الخيرية بمساهمة جميع الزملاء حتى يتوفر الحد المعقول لكل صاحب مشكلة متى ما ضاقت به الحياة لأي سبب من الأسباب.