* في كلمة خلال اجتماع رئيس مجلس السيادة الفريق (البرهان) مع عدد من المستثمرين الاتراك في العاصمة التركية (انقرة)، قال نائب الرئيس التركي (فؤاد أوكتاي) إن (السودان) خصص 100 ألف فدان من أراضيه الزراعية لتركيا!
* في البداء لا بد من تصحيح الخبر الذى اوردته وكالة (الأناضول) التركية، فالذي خصص الارض لتركيا هو الفريق البرهان، وليس السودان، وهي نفس السياسة الخاطئة التي كان يتبعها النظام البائد ورئيسه المخلوع في توزيع أراضي السودان على الدول والمستثمرين الاجانب، وكأنها ملك حر لهم يفعلون به ما يريدون، ونتج عن تلك السياسة احتكار مساحات ضخمة من الأراضي الزراعية الخصبة لشركات أجنبية بدون أي منفعة للسودان!
* لقد سبق ان تحدثت من قبل عن ملايين الافدنة مُنحت لدول وشركات خليجية وعربية لم تستثمر منها إلا القليل واحتفظت بغالبها بدون استثمار للحصول بضمانتها على قروض مالية من البنوك الخليجية وايداعها في حسابات استثمارية في بنوك (هونق كونق) والتربح منها، بينما أخضعت القليل الذي استثمرته لشروطها ومزاجها، فزرعت أغلبه محاصيل علفية مثل البرسيم وتوريده لمشاريعها الانتاجية في مصر والخليج، وريه من المياه الجوفية بدلا عن نهر النيل، واستخدام طرق ري مهلكة للمياه مثل الابراج، وجلب معظم العمالة من الخارج حتى غير المؤهلة مثل السائقين والخفراء، وعدم تقديم أي خدمات مجتمعية للسكان المحليين ..إلخ، بالإضافة الى عدم توريد أي عملات صعبة لحكومة السودان، أي أنها تستغل الارض بالمجان وتستنزف خصوبتها، وتهلك المياه الجوفية التي لا يمكن تعويضها، ولا تفيد الدولة والمواطنين بأي شيء ، وإذا أجرينا مقارنة سريعة بينها وبين الاستعمار البريطاني الذي اسس مشروع الجزيرة الذى كان أضخم مشروع زراعي مروى في العالم يبلغ عدد العمالة فيه اكثر من مليونين ونصف ما بين مستديمة وموسمية، لخرجنا بنتيجة لا يختلف عليها اثنان وهي ان الاستعمار البريطاني كان ملاكا رحيما مقابل الشيطان الخليجي المتوحش!
* دعوني أعود بكم الى تقرير لمنظمة قرين (GRAIN) المختصة في كشف الأراضي الزراعية المنهوبة في العالم، والتي كشفت قبل عدة اعوام المساحات الضخمة من الأراضي الزراعية السودانية التي استولت عليها دول وشركات أجنبية، بدون أن تعود منها فائدة تذكر للسودان!
* أوضح التقرير ان الأراضي التي خصصت لجهات أجنبية بواسطة النظام البائد في عام 2016 فقط، كانت كالآتي: 780 ألف هكتار للإدارة التركية العامة للأعمال الزراعية – الهكتار يساوى 2.4 فدان ــ 132 ألف هكتار لشركة وفرة المصرية، 100 ألف هكتار لشركة حصاد القطرية، 87 ألف هكتار لشركة GLB اللبنانية، 55 ألف هكتار لشركة أمطار الامارتية، 40 ألف هكتار للشركة السودانية المصرية للتكامل، 40 الف هكتار لاتحاد الفلاحين المصريين، 29 ألف هكتار لصندوق أبوظبي للتنمية، 25 ألف هكتار لنادك السعودية، 20 ألف هكتار لشركة جنات التابعة لاستثمارات الراجحي السعودية، 12 ألف هكتار لشركة مجموعة بينسو البرازيلية ، و(10 ألف) هكتار لشركة المراعي السعودية، غير آلاف الافدنة التي استولت عليها بعض هذه الشركات من قبل (إنتهى)!
* ولولا سقوط النظام البائد لتم تنفيذ الاتفاقيات السرية التي عقدها مع دولة الصين لاستئجار نصف مليون فدان في مشروع الجزيرة، ومائتي ألف فدان في الشمالية لمدة 99 عاما، مقابل الديون الصينية على حكومة السودان التي تبلغ حوالى (11 مليار دولار) عجزت الحكومة السودانية عن سدادها، ولم يستفد منها السودان بشيء وذهبت لجيوب اللصوص!
* ولقد سبق للخبير الدولي البروفيسور (باولو دودريكو) بجامعة فرجينيا – ان كشف في دارسة علمية نشرت في عام 2012 ، أن (23%) من الأراضي الزراعية في السودان تم بيعها أو إيجارها لمدد طويلة جدا لمستثمرين أجانب، وهى تبلغ حوالى (10%) من جملة الأراضي المستولى عليها على نطاق العالم، وان السودان هو رابع أكثر الدول في العالم تم الاستيلاء على أراضيها الزراعية (بعد جمهورية الكونغو الديمقراطية، اندونيسيا والفلبين)!
* وأكدت الدراسة انه لا توجد أي دلائل على ان الاستيلاء على تلك الأراضي كان وسيلة لتطوير الزراعة بجلب رؤوس أموال أو خلق فرص عمل، وانما هناك دلائل على فقدان التوازن البيئي وخسارة الدولة والسكان لمساحات ضخمة من الاراض الزراعية، بالإضافة الى خسارة المياه الجوفية التي تجمعت عبر ملايين السنين ولا يمكن تعويضها، فما هو الهدف من مواصلة نفس سياسة النظام البائد في إهدار الأراضي والحقوق السودانية، وتخصيص مائة ألف فدان إضافية لتركيا والتي وضعت يدها من قبل على ما يقرب من مليون ونصف فدان بدون أن تستغلها أو ينتفع منها السودان بشيء، وهل من اختصاصات رئيس مجلس السيادة التصرف في الأراضي السودانية ومنحها للأجانب على حساب السيادة الوطنية والأسس الصحيحة للاستثمار؟!