لم نُركِز عند تشكيل الوزارات واختيار الوزراء الجُدد في حكومة حمدوك الثانية إلى أنّ وزارة التجارة عادت من جديد إلى سابق عهدها كوزارة منفصلة بعد أن كانت (ملفوقة) مع وزارة الصناعة، وسبب غفلتنا وجهلنا بما تمّ من تغيير لعدم فعاليتها ولفشلها من قبل في القيام بدورها في ضبط الحركة التجارية وانفلات الأسواق، واستمرّ جهلنا بالتغيير الذي طرأ عليها إلى أن خرج علينا وزيرها الجديد يُذكرنا بوجوده بيننا ولديه مهام، وفي نيته حسب تصريحاته (النارية) القيام بحملاتٍ كثيفة لحسم فوضى الأسواق وردع من يقومون بها، وتجاهل الحديث عن الأسلحة التي يُريد استخدامها في حملاته لهزم هذا الغول المُرعب.
لا يا هذا غيرك كان أشطر فلا تُرهِق نفسك بالتصريحات (الفشنك) واعمل ما استطعت بصمتٍ يُغنيك عن ما تعرّض له غيرك من انتقادات، واعلم بأنّ الظهور الإعلامي والدخول بالكلام (الساي) إلى دائرة الضوء قد ألقى من سبقوك في هذه الوزارة المُهمة (كانت) إلى سلة النسيان وذلك لعدم امتلاك أدوات الحسم الذي هددت به، واعلم يا معالي الوزير بأنّ طعن ضل الفيل لن يُرديه قتيلا، والفيل يتقدّل بينكم مُطمئنا، وسيظل يطأ برجله الغليظة ويسحق كُل من يوجه سهماً في اتجاهه لاصابته، واضطراب السوق لن يهدأ هكذا يا سيد العارفين.
نهديك عزيزي القارئ المطحون بغلاء الأسعار والمسحوق بالسياسات الخطأ والخُطط البائسة طُرفة مجنون سوق بربر والذي تطوّع دون أن يُطلب منه لمساعدة سائق لوري دخل في زقاقٍ ضيق رُبما لجهله بجغرافيا المنطقة، وحاول أن يخرُج بسلام يتفادى فيه المزيرة الكبيرة الموجودة في الزقاق، فاهتدى بقول المجنون والذي ظلّ يصيح في السائق يمين شمال أمشي قدام أرجع شوية وراء، وأخيراً صاح فيه مبرووووك يا معلم كسرّت كُل الأزيار.
صدقني يا معاليك لن تُضبط أسعار الأسواق هكذا، ولن تُحسم الفوضى ويُردع أصحابها بالتهديد، وطريق الاصلاح واضح لمن يُريد الإصلاح، ولو كان لمثل السياسات العنترية الفطيرة التي انتهجها من كانوا قبلكم من فائدة لكُنا اليوم في أعلى قائمة الدول ذات الاقتصاديات الضخمة، لن نبرح مكاننا هذا بلا خطط مدروسة يتبعها عمل جاد للخروج من الضائقة الاقتصادية التي نعيشها، فلا تُضيِّعوا الزمن بالتصريحات التي لا قيمة لها والتي لن تُغني المواطن في شئ ولن يستقوى بها على حرارة الجمرة المتقدة التي طال أمد جلوسه عليها.
حدثنا كيف وبأي وسيلة تُريد أن تضبُط الأسواق، واخبرنا بالله عليك قبل الحملات المزعومة عن أي دعم قدمتوه للمُنتج لتُرغموه على الانصياع لقراراتكم، وقد تركتموه وحده يُعاني في سبيل توفير ما يُعينه على دوران عجلة الانتاج، فضلاً عن الرسوم والأتاوات (الحكومية) المُتزايدة التي ظل يحتملها والتي يتحمّل تبعاتها في النهاية المواطن.
للدولة دور في حركة الانتاج فإن تقاعست عن القيام به فلن يهدأ غليان السوق ولن تهبُط أسعاره بالحملات.