الوثيقة الدستورية بين عبدالحي يوسف وعثمان ميرغني (2)
خصصنا مقال الامس للحديث عن الغرور الذي حمل عثمان ميرغني على تجهيل كل علماء الامة بمن فيهم الدكتور عبدالحي يوسف لا لسبب الا لأن الشيخ عبدالحي انتقد الوثيقة الدستورية التي تعمدت اغفال النص على ان الاسلام هو الدين الرئيس للدولة كما تجاهلت لاول مرة في تاريخ السودان الحديث، النص على ان الشريعة الاسلامية هي إحدى مصادر التشريع وقال الشيخ عبدالحي إن الوثيقة اتسعت لذكر مصادر التشريع من العادات والثقافات الاثنية والعرقية وحقوق الطفل وغير ذلك من صغائر الامور وسفاسفها بينما ضاقت عن ذكر الاسلام في احتقار وتبخيس عجيب لاعظم مقاصد الشرع بالرغم من قول ربنا سبحانه :(ذَٰلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى القلوب)
فقد تساءل الاستاذ عثمان ميرغني : (هل هناك مفوضون للدفاع عن الدين) ثم اضاف بغرور غريب الآتي : (الجهل} بحقيقة الاسلام تجعل البعض يتصوره نظاماً يعتمد على الفرمانات السلطانية.. يستمد قوته من شوكة السلطة ويتبدد ايدي سبأ اذا اهمله السلطان)!
هل لاحظتم قرائي الكرام التطاول الذي يجعل رجلاً لا اظنه قرأ من القرءان الكريم وعلومه وتفاسيره ومن الفقه الاسلامي ومراجعه سوى ما تلقاه في المرحلتين الابتدائية والثانوية، هل لاحظتم قوله:(الجهل) بحقيقة الاسلام تجعل البعض يتصوره نظاماً ….؟! الم تلاحظوا انه يقصد بكلمة (الجهل) كل علماء الامة الاسلامية وشعوبها إلا هو وحفنة من الخارجين على اجماعها من امثال المرتد محمود محمد طه الذي نصب نفسه رسولاً لرسالة سماها (الثانية) بعد رسالة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم واوعز له شيطانه انه قد رفعت عنه الصلاة التي لم ترفع حتى عن رسولنا الكريم؟!
قبل ان استرسل اود ان اذكر بان عثمان ميرغني يتبنى من قديم نظرية سماها (تصفير الدين) والمعنى مفهوم من العبارة المشتقة من كلمة (صفر) التي تنحط بكل ما توصف به الى الدرك الاسفل لذلك لا غرو ان يسعد عثمان ميرغني باقصاء الاسلام واستبعاده من الوثيقة الدستورية!
اقول لعثمان: نعم هناك مفوضون للدفاع عن الدين ولحمايته من الضياع ونشره بين الناس هم الرسل ثم الثقات من العلماء الذين قال عنهم الرسول الكريم : (العلماء ورثة الانبياء) سيما وان الله تعالى رفع قدرهم في قرآنه الكريم درجات على سائر الناس وكذلك الدعاة الى الله فهم الذين نشروا الدين حتى اوصلوه سلماً الى اندونيسيا وشرق آسيا وشتى انحاء العالم وهم الذين يدحضون حجج وخزعبلات واكاذيب اعدائه من الشيوعيين وهرطقات المدلسين حتى لا يضلوا المسلمين عن دينهم وكذلك ينافح عن الدين الحكام الصادقون الذين يسيرون الجيوش لكبح جماح الدعوات الضالة ويهيئون المناخ لانتشار التدين وليس ادل على ذلك من فعل الصديق ابوبكر وهو يجيش الجيوش ليذب عن دين الله ويحارب مسيلمة الكذاب ومانعي الزكاة وكذلك صلاح الدين الايوبي وهو يحرر المسجد الاقصى من الصليبيين وعمر بن الخطاب وهو يبعث عمرو بن العاص لفتح مصر لتكون احدى قلاع الاسلام ومناراته العظمى وهكذا، ولعل مقولة الخليفة الراشد عثمان بن عفان (ان الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرءان) والتي نسبت كذلك الى الفاروق عمر بن الخطاب ترد على عثمان ميرغني الذي ينكر دور (شوكة السلطة) في نصرة الدين ويتجاهل الاثر السالب للحرب التي يشنها السلطان المعادي لدين الله تعالى.
اعجب ان عثمان يتجاهل ما يمكن لاعداء الاسلام ان يفعلوه عندما يشنون الحرب على الدين في تغافل عما الحقه كثيرون اذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر شيطان تركيا أتاتورك الذي حارب الاسلام عقب سقوط الامبراطورية العثمانية من خلال سياساته العدائية التي ضيقت على الشعائر والشرائع واحالت المساجد الى متاحف واقصت الحرف العربي وابدلته بالحرف اللاتيني في كتابة اللغة التركية وما فعلته الشيوعية في الدول الاسلامية الخاضعة للاتحاد السوفيتي وما احدثه الاستعمار الانجليزي وهو يصدر قانون المناطق المقفولة The closed districts act حتى يمنع دخول الاسلام والعربية الى الجنوب للحيلولة دون توحده مع الشمال والامثلة لا تكفيها هذه المساحة من المقال.
اقول لعثمان انه إذا لم ينهض من ابناء الاسلام من يحميه من الضياع لاضاعه من يبغضونه ويشنون الحرب عليه ويرفضون حتى ايراد (البسملة) كما فعل عرمان عند مناقشة الدستور الانتقالي بعد ابرام اتفاقية نيفاشا، فمن تراه يتصدى لمن يستهدفون الدين امتثالاً لسنة التدافع التي قال الله تعالى فيها: (وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا ۗ وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ) ..من تراه يتصدى للذود عن حمى الدين لو استجاب الدعاة الى الترهات والخزعبلات التي يلوكها من يسعون الى عزل الدين واقصائه من الحياة ليقبع في ركن قصي من المسجد (لا يهش ولا ينش) بالرغم من انه المحرر الاكبر للانسان من كل اشكال القهر والتخلف عبادة لله وتحرراً من كل ما عداه؟!
ربما تعلم يا عثمان او لا تعلم أن كبار فقهاء الأمة فصلوا المقاصد الشرعية الخمسة ووضعوا مقصد (الحفاظ على الدين) في مقدمتها.
إن المسلمين مأمورون بالامر بالمعروف والنهي عن المنكر، تلك الفريضة التي رفعت من قدر هذه الامة المحمدية ومنحتها الخيرية على سائر الأمم وبالتالي يأتي التفويض وفق درجة المسؤولية فالعالم له دور يختلف عن الحاكم الذي يتعاظم دوره وعن الافراد الآخرين من غير العلماء الذين لا يجوز ان يمنحوا انفسهم دور الحاكم المفوض من الشعب وهكذا.
اقول لعثمان في الختام إن عليه قبل ان يهاجم من يدافعون عن حرمات الله وشرعه ان يتصدى للاقصائيين من الشيوعيين وبني علمان الذين يصرون على فرض هرطقاتهم وتوجهاتهم المعادية للاسلام على شعب السودان المسلم الذي لم يثر على الدين وشرعه وانما على ممارسات خاطئة وفساد كبير لحق بالسودان وانحط به الى درك سحيق.